اسم الکتاب : الشيعة: نص الحوار مع المستشرق كوربان المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 1 صفحة : 155
الصحراوي.
و من مقتضيات هذا الطراز من البحث ان يتناول الفيلسوف المفكّر، الموضوعات على نحو العموم و الكلية؛ بإسقاط خصوصياتها و مشخصاتها الزمانية و المكانية، و بالتالي مشخصاتها المادية. و عليه أيضا ان يغمض العين عن رواسب الافكار الاجتماعية و العواطف و الاحاسيس الانسانية المختلفة، و ان لا يسمح بمؤثراتها ان تنفذ الى تفكيره و تكتسب مكانا فيه.
و باصطلاحنا[العلمي-الفني]تؤخذ المفاهيم الكلية بتجريدها عن جميع المقارنات المادية، لتبلغ الخواص العامة الواقعية للوجود، ثم يقارن كل واحد من انواع الاشياء مما احتمل له الواقعية، بتلك الخواص، فتتميز الواقعيات عن الخرافيات.
و هذه اصعب الوظائف التي يواجهها المفكّر في الفلسفة، و أعقدها.
ان ارتباطنا الابتدائي بالاشياء الخارجة عنّا، ذلك الارتباط الذي ينبثق من الاحتياجات الوجودية؛ و في طليعتها حواسنا، لا يكون الاّ مع شخصية مادية دون اي شيء آخر.
و كلّ فعالية نقوم بها نتيجة هذا الارتباط، تكون هي الاخرى مرتبطة بجزئيات المادة. و بهذا الشكل يمتلئ فضاؤنا الفكري بالافكار الجزئية و الموضوعات الشخصية، بحيث ينشغل بها كليا، دون ان يدع ادنى مساحة خالية، و لو في زاوية من زوايا الفكر.
مع مثل هذا الوضع، تتضح طبيعة الإشكال الذي نواجهه في انضاج تصور او تصديق كلي خالص واحد.
اسم الکتاب : الشيعة: نص الحوار مع المستشرق كوربان المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 1 صفحة : 155