المدوّنة في مجاميع الحديث الشيعية، تنطوي على طراز فكري و أسلوب عقلي حرّ، بحيث تناولت بالبحث الدقيق جميع جوانب عالم الوجود من مبدأ خلق العالم و بدئه، الى كليات عالم الوجود.

و كان من الطبيعي ان يدفع المنهج الواقعي الاسلامي، عدّة من ذوي الافكار الواقعية ممّن لهم ميول الى البحث، نحو حلّ هذه المسائل، ليفتحوا الطريق بذلك الى نهج منظم يضطلع بكشف رموز الوجود و اسراره.

و الشيعة-وحدهم-هم الذين يتحلّون بوجود مثل هذه الذخائر الثمينة، و كانت الفرصة مؤاتية لشيعة ايران بحكم بعدهم-الى حد ما-عن ضغط الاكثرية السنية و تهديدها، و بحكم ابتعادهم-الى حد معين-عن المربع المغلق‌ [1] للافكار الكلامية المخالفة للفلسفة.

هذان عاملان يفسران ما احرزته الفلسفة الاسلامية من نمو نسبي في محيط هذا البلد، أفضل من نصيبها في سائر البلاد الاسلامية الاخرى. و اذا كانت اصوات المعارضة تنطلق احيانا ضدّ الفلسفة من قبل سائر الطبقات الدينية المتنفّذة؛ فهي امّا ان لا تكون عنيفة اساسا؛ أو انها (اذا كانت عنيفة) لا تدوم طويلا بحيث تستطيع ان تؤدي بآخر رمق في حياة المنهج الفلسفي.

جواب السؤال الرابع‌

يمكن ان يقال بشكل كلّي أنّ ثمة رابطة خاصة بين اصل الدين (بمعنى القول

[1] تعبير كنائي يريد المؤلف منه الاشارة الى التعارض بين اتجاه في الفكر الكلامي و بين الفلسفة أو التعارض عموما بين المتكلمين و الفلاسفة. [المترجم‌]