responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشيعة في مسارهم التاريخي المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 149

في ذلك العصر، فلذلك دار الجدل حولها و أفرط فيها المحبّون و الكارهون، و تأسست من أجلها المذاهب الدينية، و كان عليه أن يعترف بذلك-و قد اعترف به ضمنا-و أما أنه دخلها المبالغات و الأكاذيب و اختلق حولها المختلقون-فمع تسليمه-هو من أوضح الأدلّة على عظم تلك الشخصية، لجريان العادة بأن من اشتهر بشي‌ء أضيف إليه كثير مما هو من سنخ ذلك الشي‌ء.

و لكن ما يزعمونه مبالغات و أكاذيب و اختلاقا لعلّه دون الواقع لأنهم لا ينظرون عليّا عليه السّلام بالعين التي يجب أن ينظر بها، و العداوة له و التحامل عليه الّذي نما و نشأ في النّاس مع نشأة عليّ عليه السّلام كما بيّناه في الجزء الثالث في سيرته، و خوف أوليائه أوجب إخفاء كثير من مميزاته، و كان الظاهر منها دون الواقع لا أزيد منه كما أشار إليه من قال: ما أقول في رجل أخفى فضائله أعداؤه حسدا و أولياؤه خوفا و ظهر من بين ذين ما ملأ الخافقين.

فليس الّذي يوقف المؤرخ حائرا هو كثرة ما ورد لعليّ عليه السّلام من الفضائل و المزايا الّذي زعمه مبالغة و كذبا، إنّما الّذي يوقف المؤرخ حائرا إنه كيف ظهرت هذه الفضائل و المزايا بين تحامل الأعداء و خوف الأولياء.

و بعد فلا موجب لوقوف المؤرخ حائرا فالشمس الضاحية لا يمكن لأحد إخفاءها و جحدها و إن لم ترها و جحدتها عين عمياء أو رمداء رأتها عيون كثيرة صحيحة، و إذا وقف مؤرخ جاء في زمن متأخر حائرا مدهوشا أمام شخصية عليّ عليه السّلام و استكبر و استعظم ما ورد لعليّ عليه السّلام من الفضائل و المزايا؛ فالمؤرخون السّالفون من جميع مذاهب المسلمين قد رووها و اعترفوا بها و لم يمكنهم إخفاؤها و لا إنكارها، حتى قال الإمام أحمد بن حنبل، و القاضي إسماعيل بن إسحق، و النسائي: لم يرو في فضائل أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان ما روي في فضائل عليّ بن أبي طالب، حكاه في الاستيعاب‌ [1] ، إلى أن جاء في هذا الزمان من يزعم أن فيها مبالغات و أكاذيب تقليدا لأمثال ابن حزم المعلوم حالهم في التحامل الشديد على عليّ عليه السّلام و أتباعه.


[1] الإستيعاب: 2/223، في ترجمة أمير المؤمنين عليه السّلام‌

اسم الکتاب : الشيعة في مسارهم التاريخي المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 149
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست