اسم الکتاب : الشيعة في الإسلام المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 1 صفحة : 107
الكريم و هدايته، لا يرى إلاّ الله سبحانه، و بدلا من أن يرى جمال العالم، فإنه يرى جمالا أزليا غير متناه، و هذا العالم تجلّ لهذا الجمال الأزلي عندئذ يهب حياته، و ينسى ذاته، و يفنى في حبّ الله جلّ شأنه.
و هذا الإدراك-كما يتّضح-لا يحصل عن طريق الحواس، كالعين و الأذن، و لا عن طريق الخيال و العقل، لأن هذه لم تكن سوى آيات و دلالات، فهي في غفلة عن هذه الدلالة و الهداية.
و هذا الطريق، الذي لا بدّ لسالكه أن ينسى كل شيء سوى الله تعالى، عند ما يستمع إلى قوله في كتابه المجيد: يََا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاََ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اِهْتَدَيْتُمْ إِلَى اَللََّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمََا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ[1] .
سيعلم أن الطريق الرئيسي الذي ينتهي به إلى الهداية الواقعية و الكاملة، هو طريق النفس الإنسانية، و المرشد الحقيقي له، هو الله تعالى، فقد كلّفه بمعرفة نفسه، و أن يسير في هذا السبيل، بتركه للسبل الأخرى ليرى الله من هذه الطريق، فإنه سيدرك مطلوبه الحقيقي.
و النبي الكريم صلى اللّه عليه و آله و سلم يقول: «من عرف نفسه فقد عرف ربّه» .
و يقول أيضا: «اعرفكم بنفسه، أعرفكم بربه» .
و أما طريقة السير و السلوك، و هي طريقة الكثير من الآيات القرآنية التي تأمر بذكر الله تعالى، كقوله: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ[2]