لا يكون مطلوبيّته على نحو الإطلاق و ان كان محبوبا مطلقا، و الترتيب الذي ادّعيناه انّما هو في المطلوبية دون المحبوبية، هذا غاية ما يمكن أن يقال في تصحيح الأمر بالمتنافيين على وجه الترتيب، و أمتنها الوجه الأخير الذي هو من أفكار السيّد الأستاذ [1].
ثمَّ اعلم أنّ المانع من الجمع بين التكليف بالقصر و الإتمام إمّا أن يكون إرادة المتنافيين في زمان لا يسع لهما، و قد مرّ انه لا يلزم ذلك مطلقا و انّما هو في آخر الوقت، و مرّ أيضا أنّ التكليفين ان ثبتا على وجه الترتيب لا يلزم من اجتماعهما المانع المذكور.
و إمّا أن يكون المانع عدم التخيير بينهما و وحدة التكليف، بيانه: أنّ مع العلم بأنّ الجاهل ليس تكليفه في الواقع إلّا أحد الأمرين من القصر و الإتمام بمعنى أنّه لا يراد منه الجمع، و ليس أيضا مخيّرا بينهما فكيف يتصوّر أن يكون مكلّفا بهما؟
و التزام الترتّب على تقدير الغفلة يدفع هذا الإشكال، لأنّ المعلوم من أدلّة اتّحاد تكليف الجاهل و العالم ليس إلّا أنّ الجاهل مكلّف بالقصر، و لا يكون مخيّرا بين القصر و الإتمام، و أمّا أنّه ليس مكلّفا بالإتمام تكليفا مرتّبا على عصيان التكليف بالقصر فليس معلوما، و لا ريب أنّه مع التزام التكليف بالإتمام بهذا الوجه لا يلزم عدم تكليف الجاهل بالقصر و لا كونه مخيّرا بينه و بين الإتمام.
فإن قلت: على هذا التقدير أيضا لا يكون تكليف الجاهل و العالم متّحدا، لأنّ المفروض أنّ الجاهل مكلّف بشيء يخصّ به.
قلت: دليل الاتّحاد ليس إلّا أدلّة بطلان التصويب و هي لا تقتضي إلّا أنّ كل ما ثبت في حق العالم ثابت في حق الجاهل على النحو الذي ثبت في حق العالم، و أمّا عكسه و هو أنّ كلّ ما ثبت في حق الجاهل فهو ثابت في حق العالم فلا تدلّ عليه.