اسم الکتاب : الذات الإلهية المؤلف : خلصان، مالك مهدي الجزء : 1 صفحة : 224
والعليا ، أمّا الطاعة التي تنتج عن الطمع فهي غير مضمونة شأنها شأن الطاعة المبنيّة على الخوف .
ويمكن تطبيق هذا الحديث على تعامل العبد مع باقي الناس ، مع أنّه يتكلّم عن طاعة العبد لربه ، حيث يقول الإمام علي(عليه السلام) : "ما عبدتك خوفاً من نارك ، ولا طمعاً في جنّتك ، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك" ، وعبارة وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك تدلّل على الحب والاقتناع المبني على الفكر والعلم والوجدان .
وهذا ما نراه في دعاء كميل "فهبني يا الهي وسيّدي ومولاي وربّي ، صبرت على عذابك ، فكيف أصبر على فراقك ، وهبني صبرت على حرّ نارك ، فكيف أصبر عن النظر إلى كرامتك ، أم كيف أسكن في النار ورجائي عفوك" ، الخوف من انقطاع العلاقة مع الله أشدّ عندهم(عليهم السلام) من نار جهنّم. وعندما خرج الإمام زين العابدين (عليه السلام) في ليلة باردة ، ".. فقال له : جعلت فداك في مثل هذه الساعة على هذه الهيئة إلى أين؟ قال: فقال: إلى مسجد جدي رسول الله(صلى الله عليه وآله) أخطب الحور العين إلى الله عزّ وجلّ"[1] ، وكان يعني بذلك : التهجّد وطاعة الله .
أهل البيت في صدد بيان درجات الطاعة ، وليس التقليل من شأن الطمع والخوف
أهل البيت(عليهم السلام) ليسوا في صدد نكران الطاعة المبنيّة على الخوف من الله أو التقليل من شأن الاشتياق إلى الجنّة ، ولكن في صدد بيان درجات الطاعة ، وأنّ جميع هذه الأنواع من العبادات هي عبادات منجيه ، وأنّه لابد للنفس البشرية أن تحفز بجاذبية الجنّة ونور انيتها ولطافتها الأثيرية المتلألئة وبهجتها وبهائها وسنائها ونعيمها ، كما لا بد من الخوف من النار وعقاربها وزفيرها وشهيقها .