على قتالي لما ولّيت عنها، و لو أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها» [1].
و تعجب الرّاوي من صبر الحسين و إيمانه، و نسي أنّه ابن من خاطب اللّه بقوله:
«اللّهمّ أنّك تعلم لو أنّي أعلم أنّ رضاك في أن أضع ظبّة سيفي في بطني، ثمّ انحني عليه حتّى يخرج من ظهري لفعلت» [2].
أنّ أهل البيت لا يقيمون وزنا لشيء في هذه الحياة، و لا يكترثون، و لو ملئت الأرض عليهم خيلا، و رجالا، و يصبرون على التّضحية بالنّفس، و النّساء، و الأطفال، و يطيقون كلّ حمل إلّا سخط اللّه و غضبه، فإنّهم يفرون منه، و يعجزون عنه، و لا يستطيعون الصّبر على اليسير منه، مهما تكن الظّروف.
و هنا تبرز خصائص الإمامة، و العصمة [3]، و نجد السّر الّذي يميّز أهل البيت عن غيرهم من النّاس الّذين يصعب عليهم كلّ شيء إلّا معصية اللّه، فإنّها أهون عندهم من التّنفس، و شرب الماء، أنّ الحسين بشر يأكل الطّعام، و يمشي في الأسواق، و لكنّه يحمل صفة تجعله فوق النّاس أجمعين، و قد أشار النّبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) إلى هذه الصّفة بقوله: «حسين منّي، و أنا من حسين» [4]، و محمّد من نور اللّه،
[3] استدل علماء الشّيعة على عصمة الإمام بأنّ الغاية من وجوده إرشاد النّاس إلى الحقّ، وردعهم عن الباطل، فلو أخطأ أو عصى لكان كمن يزيل القذارة بمثلها، و لإفتقر الإمام إلى آخر، و يتسلسل، و هذا دليل نظري، أمّا الدّليل العملي الملموس على عصمة عليّ و أولاده الأئمّة فسيرتهم و تضحياتهم في سبيل الحقّ، و العدالة، و كفى بموقف الحسين دليلا قاطعا، و برهانا ساطعا على عصمته. (منه (قدّس سرّه)).
[4] انظر صحيح التّرمذي: 13/ 195، و: 5/ 656/ 3775، و: 2/ 307، سنن ابن ماجه: 1/ 51 ح-