لم يتوان أهل البيت لحظة في إعلان حقّهم بخلافة جدّهم الرّسول. و بكلّ ما فرض اللّه له على النّاس من سلطان، و طاعة، و ولاء ... فلقد أعلنوا هذا الحقّ، على أنّ اللّه سبحانه قد خصّهم به، شاء النّاس أو أبوا، تماما كما خصّ محمّدا بالنّبوّة؛ أعلنوا هذا الحقّ، و دعوا إلى الإيمان به بشتى الأساليب و الوسائل، و احتّجوا له بمنطق العقل، و نصّ الكتاب و السّنّة.
فما أن توفّي النّبيّ، و تولى الخلافة أبو بكر، حتّى ذهبت الزّهراء بنفسها إلى المسجد الجامع، و أعلنت هذا الحقّ، و احتجّت له في ملأ من النّاس، و محضر الخليفة و الأصحاب، فأبكت النّساء و الرّجال، و بلبلت الأفكار، و اعتذر إليها الأنصار، و حامت حول خلافة الأوّل ألف شبهة و شبهة ...
و لا أدري على أي شيء إعتمد من قال: أنّ عليّا لم يحتجّ لحقه بالخلافة على أبي بكر، و جهل أو تجاهل أنّ إحتجاج الزّهراء هو إحتجاج عليّ بالذات، و أنّها لم تنطق إلّا بلسانه، و لم تحتج إلّا بدليله و برهانه.
هذا، إلى أنّ الإمام لم يدع مناسبة إلّا أقام فيها الحجّة البالغة على من جحد و عاند ... نذكر من ذلك على سبيل المثال قوله من على المنبر: «أما و اللّه لقد تقمّصها فلان، و إنّه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرّحا. ينحدر عنّي