و قد يسأل سائل: لماذا صبر يزيد على هذا التّقريع و التّوبيخ، و التّهديد و الوعيد، و على لعنه و لعن آبائه؟! ..
و لماذا لم يسكّت السّيّدة، أو يأمر بقتلها، أو إخراجها، و هو الحاكم المسيطر؟! ..
الجواب: أنّ يزيد لم يسكت عن السّيّدة، لأنّها امرأة، و المرأة لا تعامل إلّا بالرّفق و اللّطف ... كلّا ... إنّ يزيد لا يردعه شيء ... كيف؟ و قد تجرأ على قتل ريحانة الرّسول، و ذبح أطفاله، و سبى نسائه .. و إنّما سكت مذهولا من هول الصّفعة، و ممّا رأى من اضطراب المجلس بأهله، و سمع من الصّرخات بسبّه و لعنه، حتّى من أهله و نسائه ... فلقد أو قعته السّيّدة زينب بنبراتها و كلماتها في مأزق خطير لا يملك معه إلّا الإعتراف بعظمة الجريمة، و إلّا البراءة منها، و إلقاءها على ابن زياد.
و بالتالي، فإنّ كلمات الزّهراء بعد يوم السّقيفة، و كلمات ابنتها زينب في يوم كربلاء، و بعده، و كلمات الإمام زين العابدين، و أمّ كلثوم، و فاطمة بنت الحسين، جميعها ترمي إلى غرض واحد، و هو إقامة الحججّ و البراهين على أنّ أهل البيت هم أصحاب الحقّ في خلافة الرّسول، و أولى بالطّاعة، و أنّ من عارض و عاند فقد ردّ على اللّه و رسوله.
فأهل البيت أوّل من وضع أسّس الحجاج لحقهم بالدّليل و المنطق، و أوّل من تكلّم في فضائلهم و محاسنهم، و مثالب أعدائهم و مساوئهم، و أوّل من أقام البراهين على وجوب التّمسك بحبلهم، و البراءة، و من أعدائهم، ثمّ سار على هذا النّهج كلّ موال و محبّ للّه و رسوله و أهل بيته.