أمانتك، و سمعت مقالة السّفيه الجاهل، و أخفت الورع التّقي، و السّلام [1].
و لمّا قرأ معاوية الكتاب أطلع عليه ولده يزيد، فقال له: أجبه جوابا يصغر إليه نفسه، و اذكر أباه عليّا بشر.
فقال معاوية: و ما أقول في عليّ، و مثلي لا يحسن أن يعيب بالباطل؟ و متى ما عبت رجلا بما لا يعرفه النّاس كذّبوه، و ما عسيت أن أعيب حسينا؟ و و اللّه ما أرى للعيب فيه موضعا و قد رأيت أن أكتب إليه أتوعده أتهدده، ثمّ رأيت أن لا أفعل و لا أمحكه [2] ...
الحسين يبايع يزيد و هو يقف من أبيه معاوية هذا الموقف، و يخاطبه بهذا الإحتقار و الإزدراء: ركبت جهلك، و نقضت عهدك، و خسرت دينك، و غششت الرّعية، و قتلت أولياء اللّه، و أخذت البيعة لغلام يشرب الشّراب، و يلعب بالكلاب؟!.
قرأ يزيد هذا السّجل الخالد في مثالبه، و مثالب من مهّد له، و بايعه بالخلافة، فحرّض أباه على أن ينال بالباطل من عليّ و الحسين، و لم يجد معاوية ما يقوله أللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا، فاجتر يزيد ضغينته و أحقاده، و انطوى على غيظه و غضبه ينتظر الفرصة المؤاتية.
فوران الحقد:
و بعد أن هلك معاوية، و تولّى يزيد الأمر من بعده صمّم أن يقتل الحسين على
[1] انظر، أعيان الشّيعة: 4/ 142 طبعة سنة (1948 م) نقلا عن كتاب «الإمامة و السّياسة» لابن قتيبة.
و ذكر هذا الكتاب أيضا صاحب البحار: 10/ 149. (منه (قدّس سرّه)).