و معلوم أنّ دور النّشر لا تستجيب لشيء إلّا للجمهور القاريء ... لذا تملكتني الغبطة بهذا الطّلب، و قلت في نفسي: لم يبق أي مجال للسّكوت ما دام الطّلب قائما، و حمدت اللّه سبحانه على أن يكون هذا الموضوع، و ما إليه مرغوبا و مفضلا عند القرّاء، مع أنّ هذا اللّون من الكتب لا يعتمد على وسائل التّشويق و الإغراء، كما هي الحال في كتب الجنس و الخلاعة، و الغرام و الإجرام- إذن- فالدّافع الوحيد لإقبال القرّاء أنّ في أهل البيت سرّا ينبض بالحياة و يفيض بالخيرات، و قوّة ذاتية تجذب إليها كلّ إنسان، من حيث لا يدري.
هذا، مع العلم بأنّ كلّ من كتب في فضائل أهل البيت و مناقبهم، منذ البداية حتّى اليوم لم يتجاوز المرحلة الأولى، و لن يتجاوزها، مهما أطنب و أطال ... و لا أعرف أحدا عرض هذا الموضوع عرضا وافيا، حتّى العلّامة المجلسي في بحاره و أنواره ... و السّر هو طبيعة الموضوع، فإنّه أسمى و أعظم من أن تصل العقول إلى كنهه و حقيقته.
و قد سبق أن كتب خمسة كتب في أهل البيت و فضائلهم- ما عدا هذا الكتاب [1] و هي في مجموعها تعبّر عن عظمتهم تعبيرا جزئيّا، أو قل: أنّها ليست تصويرا لتلك العظمة، و إنّما هي مجرد إقرار و اعتراف بمنزلتهم و مكانتهم ...
و كذلك هذه الصّفحات إن هي إلّا إقرار و اعتراف بعظمة بنت الوحي و النّبوّة.
و اللّه سبحانه المسئول أن يجعل الوقت الّذي أمضيته في كتابتها أفضل أوقاتي كلّها، أنّه خير مسئول، و صلّى اللّه على محمّد و آله الطّيبين.
[1] هذا الكتاب هو الواحد بعد العشرين، و السادس في الفضائل، الخمسة تلك هي: «أهل البيت»، «عليّ (عليه السّلام) و القرآن»، «الشّيعة و الحاكمون»، «المجالس الحسينيّة»، «فضائل الإمام عليّ (عليه السّلام)»؛ (منه (قدّس سرّه)).