أبو بكر من أموركم، أين المستضعفان، أين الأذلان عليّ و العبّاس» [1].
فردّه الإمام و أفهمه أنّه منافق يغش الإسلام، و يكيد للمسلمين.
ظنّ أبو سفيان أنّ الفرصة قد سنحت لبلوغ مآربه بموت الرّسول، و النّزاع على الخلافة، و ما درى أنّ عليّا حامي حمى الإسلام له بالمرصاد، كما كان له في بدر، و احد، و الأحزاب؛ و تمضي الأيّام، و يصبح ابن أبي سفيان ملكا على المسلمين، فحاول أن يؤسّس للفكر و الإلحاد، و يجعل الملك في نسل الشّرّاك إلى آخر يوم، و لكن الحسين له بالمرصاد كما كان عليّ لأبيه من قبل.
رأينا الإستعمار إذا ثارت عليه الشّعوب المستضعفة، و أرادت، التّحرر من نيره و استغلاله يختار من أهل البلاد خائنا كيزيد، و ينصّبه حاكما على الشّعب، و يمنحه اسم الإستقلال، فيكّون للخائن الإسم، و للإستعمار الحكم، و تبقى الأوضاع كما كانت، أو أسوأ حيث صبغت بالصّبغة الشّرعيّة، كما فعلت فرنسا بسورية و لبنان، و الإنجليز في مصر أيّام فاروق، و في العراق أيّام نوري سعيد، يقول الشّاعر العراقي مخاطبا حاكم العراق في عهد الإنجليز:
فأنت للحكم اسم* * * و الإنجليز المسمّى
و هذا ما أراد معاوية تطبيقه بالذات من خلافة ولده يزيد، و استمرار الملك في نسل أبي سفيان، أراد أن يكون الإسم للإسلام في الظّاهر، و الحكم للشّرك و الإلحاد في الواقع. و سلك كلّ سبيل لتحقّيق هذه الغاية، فمن دس السّم بالعسل، إلى القتل بالسّيف، و من دفن الأحياء، إلى سبّ الأموات، إلى ما لا نهاية لجرائمه و موبقاته.