أَرْبِطُ بِهَا مَا قَدْ تَهِي[1] مِنْ هَذَا الدِّرْعِ مِنْ خَلْفِي» فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ تَلْبَسُ مِثْلَ هَذَا فَقَالَ ع: «وَ لِمَ» قَالَ أَخَافُ عَلَيْكَ فَقَالَ:
«لَا تَخَفْ أَنْ أُؤْتَى مِنْ وَرَائِي وَ اللَّهِ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ مَا وَلَّيْتُ فِي زَحْفٍ[2] قَطُّ ثُمَّ قَالَ لَهُ: «الْبَسْ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ» فَلَبِسَ دِرْعاً سَعْدِيَّةً[3] ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَى الْمَيْمَنَةِ فَقَالَ «احْمِلُوا» ثُمَّ إِلَى الْمَيْسَرَةِ فَقَالَ «احْمِلُوا» وَ جَعَلَ يَدْفَعُ فِي ظَهْرِي وَ يَقُولُ:
«تَقَدَّمْ يَا بُنَيَّ» فَجَعَلْتُ أَتَقَدَّمُ وَ كَانَتْ إِيَّاهَا حَتَّى انْهَزَمُوا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.
و
رَوَى الْوَاقِدِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ شَيْخٍ مِنْ مَشَايِخِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ قَالَ: لَمَّا صَفَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع صُفُوفَهُ أَطَالَ الْوُقُوفَ وَ النَّاسُ يَنْتَظِرُونَ أَمْرَهُ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَقَالُوا[4] حَتَّى مَتَى فَصَفَّقَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى ثُمَّ قَالَ «عِبَادَ اللَّهِ لَا تَعْجَلُوا فَإِنِّي كُنْتُ أَرَى رَسُولَ اللَّهِ ص يَسْتَحِبُّ أَنْ يَحْمِلَ إِذَا هَبَّتِ الرِّيَاحُ» قَالَ فَأَمْهَلَ حَتَّى زَالَتِ الشَّمْسُ وَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ ادْعُوا ابْنِي[5] فَدُعِيَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ فَجَاءَ وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً[6] فَوَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ دَعَا بِالرَّايَةِ فَنُصِبَتْ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ قَالَ «أَمَا إِنَ[7] هَذِهِ الرَّايَةَ لَمْ تُرَدَّ قَطُّ وَ لَا تُرَدُّ أَبَداً وَ إِنِّي وَاضِعُهَا الْيَوْمَ فِي أَهْلِهَا» وَ دَفَعَهَا إِلَى[8] مُحَمَّدٍ وَ قَالَ «تَقَدَّمْ يَا بُنَيَّ» فَلَمَّا رَآهُ الْقَوْمُ قَدْ أَقْبَلَ وَ الرَّايَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ تَضَعْضَعُوا فَمَا هُوَ إِلَّا أَنَّ النَّاسَ الْتَقَوْا وَ نَظَرُوا إِلَى غُرَّةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ وَجَدُوا مَسَّ السِّلَاحِ فَانْهَزَمُوا.
[1]- في النسخ الثلاث: توهي، و المثبت هو الأصح. و« الوهي: الشقّ في الشيء، و قد وهى الثوب يهي وهيا:
إذ بلي و تخرّق» لسان العرب ج 15 ص 417( وهي).
[2]-« الزحف: الجماعة يزحفون إلى العدوّ بمرّة» لسان العرب ج 9 ص 129( زحف).
[3]- ط: سعديا.
[4]- ط: فصاحوا.
[5]- ط:+ محمّدا.
[6]- في سنة ولادة محمّد بن الحنفية اختلاف راجع كتاب« محمّد بن الحنفية» للهاشميّ.
[7]- ق، ط:- إنّ.
[8]- ط:+ ولده.