هَذَا اللِّوَاءُ الَّذِي كُنَّا نَحُفُّ بِهِ
حَوْلَ النَّبِيِّ وَ جِبْرِيلُ لَنَا مَدَدٌ
مَا ضَرَّ مَنْ كَانَتِ الْأَنْصَارُ عَيْبَتُهُ[1]
أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مِنْ غَيْرِهَا أَحَدٌ
قَوْمٌ إِذَا حَارَبُوا طَالَتْ أَكُفُّهُمُ
بِالْمَشْرَفِيَّةِ حَتَّى تُفْتَحَ[2] الْبَلَدُ[3]
-.
وَ صَفَّتْ أَصْحَابُ عَائِشَةَ صُفُوفَهُمْ وَ جَاءُوا بِالْجَمَلِ عَلَيْهِ الْهَوْدَجُ وَ فِيهِ عَائِشَةُ وَ خِطَامُهُ فِي يَدِ كَعْبِ بْنِ سُورٍ وَ قَدْ تَقَلَّدَ الْمُصْحَفَ وَ الْأَزْدُ وَ بَنُو ضَبَّةَ قَدْ أَحَاطُوا بِالْجَمَلِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بَيْنَ يَدَيْ عَائِشَةَ وَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ يَمِينِهَا وَ الزُّبَيْرُ يُدَبِّرُ الْعَسْكَرَ وَ طَلْحَةُ عَلَى الْفُرْسَانِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَلَى الرَّجَّالَةِ.
فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ لِي أَبِي حِينَ زَحَفَ الْقَوْمُ[4] نَحْوَنَا «قَدِّمِ اللِّوَاءَ» فَقَدَّمْتُهُ وَ زَحَفَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ فَلَمَّا رَآنِي الْقَوْمُ قَدْ زَحَفْتُ بِاللِّوَاءِ بَارِزاً عَنْ أَصْحَابِي رَشَقُونِي[5] رَشْقَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَوَقَفْتُ مَكَانِي وَ اتَّقَيْتُ مِنْهُمْ وَ قُلْتُ يَنْقَضِي رَشْقُهُمْ فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ أُقَدِّمُ فَلَمْ أَشْعُرْ إِلَّا وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع قَدْ ضَرَبَ بَيْنَ كَتِفَيَّ بِيَدِهِ ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ مِنِّي بِيَدِهِ وَ نَادَى
«يَا مَنْصُورُ أَمِتْ»[6].
فَوَ اللَّهِ مَا سَمِعْتُ الْقَوْمَ حَتَّى رَأَيْتُهُمْ وَ قَدْ زَلْزَلَتْ أَقْدَامُهُمْ وَ ارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُمْ[7] وَ أُلْقِيَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ وَ تَزَايَلُوا[8] وَ قَدْ رَأَتْ[9] عَائِشَةُ مَوْضِعَ كُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ[10].
[1]-« عيبة الرجل: موضع سرّه، على المثل، و في الحديث: الأنصار كرشي و عيبتي: أي خاصّتي و موضع سرّي» لسان العرب ج 1 ص 634( عيب).
[2]- ق، ط: يفتحوا. و رويّ الشعر في ق، ط مفتوحة الدال.
[3]- قارن بالإمامة و السياسة ج 1 ص 75- 76.
[4]- ق، ط: رأى القوم قد زحفوا.
[5]-« الرشق: الرمي، و قد رشقهم بالسهم و النبل: رماهم. و الرشق بالكسر: الاسم، و هو الوجه من الرمي» لسان العرب ج 10 ص 116- 117( رشق).
[6]-« هو أمر بالموت، و المراد به التفاؤل بالنصر بعد الأمر بالإماتة مع حصول الغرض للشعار» النهاية ج 4 ص 371( موت).
[7]-« الفريصة: لحمة في مرجع الكتف ترعد عند الفزع، و الجمع فرائص» جمهرة اللغة ج 2 ص 742( فرص).
[8]-« تزايلوا: تفرّقوا» القاموس ص 1307( زيل).
[9]- ق، ط: لترى؛ م: خ ل: لترى.
[10]- قارن بمناقب آل أبي طالب ج 3 ص 155، و شرح نهج البلاغة ج 1 ص 257، و ج 9 ص 111.