ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قَدْ كَانَ يُدَارِي قَوْمَهُ مِنْ قَبْلُ بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ نَفَاهُ إِلَى الطَّائِفِ وَ أَبَاحَ دَمَهُ مَتَى وُجِدَ بِالْمَدِينَةِ وَ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ ص وَ الْحَكَمُ مَطْرُودٌ فَلَمَّا وُلِّيَ أَبُو بَكْرٍ جَاءَهُ عُثْمَانُ فَسَأَلَهُ فِي رَدِّهِ فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ وَ قَالَ لَهُ قَدْ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ ص وَ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الرَّدِّ فَإِنِّي لَا أَرُدُّهُ[1] فَلَمَّا مَاتَ أَبُو بَكْرٍ وَ وُلِّيَ عُمَرُ الْأَمْرَ[2] جَاءَهُ عُثْمَانُ لِيَسْأَلَهُ فِي رَدِّهِ فَقَالَ قَدْ كُنْتَ سَأَلْتَ رَسُولَ اللَّهِ ص فِي ذَلِكَ فَلَمْ يُجِبْكَ وَ سَأَلْتَ أَبَا بَكْرٍ فَلَمْ يُجِبْكَ وَ لَسْتُ أَنَا أُجِيبُكَ[3] إِلَى مَا سَأَلْتَ فَأَمْسِكْ يَا عُثْمَانُ فَإِنِّي لَا أُخَالِفُ صَاحِبَيَّ فَلَمَّا وُلِّيَ عُثْمَانُ الْأَمْرَ اسْتَدْعَاهُ مِنَ الطَّائِفِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَ آوَاهُ وَ حَبَاهُ وَ أَعْطَاهُ وَ أَقْطَعَهُ الْمِرْبَدَ[4] بِمَدِينَةِ الرَّسُولِ ص فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَ قَالُوا آوَىَ طَرِيدَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ حَبَاهُ وَ أَعْطَاهُ وَ صَارُوا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَسَأَلُوهُ أَنْ يُكَلِّمَهُ فِي إِخْرَاجِهِ عَنِ الْمَدِينَةِ وَ رَدِّهِ إِلَى حَيْثُ نَفَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ص
فَجَاءَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ قَدْ عَلِمْتَ يَا عُثْمَانُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَدْ نَفَى هَذَا الرَّجُلَ عَنِ الْمَدِينَةِ وَ مَاتَ وَ لَمْ يَرُدَّهُ وَ أَنَّ صَاحِبَيْكَ سَلَكَا سَبِيلَهُ فِي تَبْعِيدِهِ وَ ابْتِغَاءِ سُنَّتِهِ فِي ذَلِكَ فَقَدْ عَظُمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا صَنَعْتَ فِي رَدِّهِ وَ إِيوَائِهِ فَأَخْرِجْهُ عَنِ الْمَدِينَةِ وَ اسْلُكْ فِي ذَلِكَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ يَا عَلِيُّ قَدْ عَلِمْتَ مَكَانَ هَذَا الرَّجُلِ مِنِّي وَ أَنَّهُ عَمِّي وَ قَدْ كَانَ النَّبِيُّ ص أَخْرَجَهُ لَيْلًا عَنْهُ لِبَلَاغِهِ مَا لَمْ يَصِحَ[5] عَلَيْهِ وَ قَدْ مَضَى النَّبِيُّ ص لِسَبِيلِهِ وَ رَأَى أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ مَا رَأَيَاهُ وَ أَنَا أَرَى أَنْ أَصِلَ رَحِمِي وَ أَقْضِيَ حَقَّ عَمِّي
[1]- م، ق: لم أردّه.
[2]- ط:- الأمر.
[3]- ق، ط: أرى إجابتك.
[4]-« مربد النعم: موضع على ميلين من المدينة. قال الأصمعيّ: المربد كلّ شيء حبست فيه الإبل و لهذا قيل مربد النعم بالمدينة» معجم البلدان ج 5 ص 98.
[5]- م: لم يصبح؛ ط: لم يصلح.