اسم الکتاب : الجمل و النصرة لسيد العترة في حرب البصرة المؤلف : الشيخ المفيد الجزء : 1 صفحة : 14
زيارة أمير المؤمنين و الإمام الحسين عليهما السلام؛ و ذكر
أيضا زيارتهما و زيارة العباس و الشهداء عليهم السلام. و في القسم الثاني أورد
مختصرا في فضل زيارة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و فاطمة و سائر الأئمة
عليهم السلام و ذكر زياراتهم. و طبع هذا الكتاب أخيرا في إيران.
صفاته المميزة
الشيخ المفيد رحمه اللّه
في غنى عن التعريف، لما يتمتع به من شهرة فائقة و صفات حميدة، و فضله أعظم من أن
يوصف، فله اليد الطولى في ميادين شتّى من الفقه و الأصول و الكلام و الحديث و
التاريخ و الأدب، و كتب و نشر عنه كثير من الدراسات الموسعة، فلا يخلو من ذكره أي
معجم من معاجم الرجال أو سير الأعلام من قديم أو حديث و نحن نشير هاهنا إلى بعض
صفاته البارزة.
أ: مكانة العقل في
منهجه الفكري
من أبرز صفات شيخنا
المفيد و أهم خصاله أنّه كان حرّ الفكر و طريقته في العلوم عقلانية.
فقد كان القرن الثالث و
الرابع الهجري زمن انفتاح علم الحديث و رواجه إلى حدّ التكامل الكلي و قد كان
المحدّثون يهتمون و يشددون بالأخذ بظواهر الحديث و البحث فيه سندا و نقلا، و لا
يعيرون المضمون و المحتوى اهتماما؛ و هذا و إن كان بحد ذاته محمودا إلّا أنّ
الإشكال المتوجه إليه هو أنّ هذه الطريقة كانت مانعا من تكامل العلوم و نموها و
حجر عثرة في عجلة التطور و تقدم العلوم و ترقي الإنسان إلى أرقى الدرجات، و قد
أوقفت الطريقة المتشددة العلوم في مرحلة الجمود و الثبات على حالة واحدة.
و شيخنا المفيد رضوان اللّه
عليه- بقوة إدراكه و بوعيه الكامل- استطاع اتباع طريقة مميزة في تعامله مع العلوم،
لينقلها من مرحلة الجمود إلى مرحلة المرونة و من مرحلة الثبات إلى مرحلة التحرك
ضمن الإطار المرسوم لها. و بهذا فقد جعل- بفضل أبرز صفاته و أهم خصاله- للعقل دورا
مستقلا و هامّا في العلوم آنذاك، و بفضل الفكر المتحرر الذي كان يتملّكه فقد وصلت
العلوم في زمنه إلى مرحلة التكامل الفكري العلمي. و لهذا فإنّ كتبه مصادر يعتمد
عليها العلماء الأجلاء و الفضلاء الأمناء، و نظريته في العلوم يقف عندها المتبحر و
لا يرى مفرّا من الأخذ بها، و يخرس عندها المعاند و لا يرى بدّا من التسليم لها.
و بطريقته هذه استطاع أن
يقحم العقل في جميع العلوم، و يجعل له ميدانا في جميع الفنون، فكان أثره مهما في
رفع مستوى الإماميّة العلمي و ترقيها الثقافي، بعد ما كان يهددها الخطر من جميع
الجهات. فاشتد الفكر الشيعي و قوى بعد الضعف و الجمود، و لذا قيل: «إنّ له على
كلّ
اسم الکتاب : الجمل و النصرة لسيد العترة في حرب البصرة المؤلف : الشيخ المفيد الجزء : 1 صفحة : 14