و ضعف هذا الإيراد على ظاهره واضح، لأن كل واسطة من الوسائط إنما يخبر خبرا بلا واسطة، فإن الشيخ (قدّس سرّه) إذا قال: حدثني المفيد، قال: حدثني الصدوق، قال: حدثني أبي، قال: حدثني الصفار، قال: كتبت إلى العسكري (عليه السلام) بكذا، فإن هناك أخبارا متعددة بتعدد الوسائط، فخبر الشيخ: قوله: حدثني المفيد، الخ و هذا خبر بلا واسطة يجب تصديقه، فإذا حكم بصدقه ثبت شرعا أن المفيد حدث الشيخ بقوله: حدثنى الصدوق، فهذا الإخبار- أعني قول المفيد الثابت بخبر الشيخ: حدثني الصدوق- أيضا خبر عادل، و هو المفيد فنحكم بصدقه، و أن الصدوق حدثه، فيكون كما لو سمعنا من الصدوق إخباره بقوله: حدثني ابي و الصدوق عادل فيصدق في خبره، فيكون كما لو سمعنا أباه يحدث بقوله: حدثني الصفار، فنصدقه لأنه عادل، فيثبت خبر الصفار أنه كتب إليه العسكري (عليه السلام)، و إذا كان الصفار عادلا وجب تصديقه و الحكم بأن العسكري (عليه السلام) كتب إليه ذلك القول، كما لو شاهدنا الإمام (عليه السلام) يكتبه إليه، فيكون المكتوب حجة، فيثبت بخبر كل لاحق إخبار سابقه، و لهذا يعتبر العدالة في جميع الطبقات 1، لأن كل واسطة يخبر بخبر مستقل.
- و كذا يقال في الإخبار بواسطة، لعدم انحصار احتمال المخالفة باحتمال تعمد الكذب، بل يحتمل كون منشئه خطأ الواسطة، و لا دليل على إلغاء الاحتمال المذكور.
(1) أما لو كان المراد من الخبر ما يعم المخبر بالواسطة لزم الاكتفاء بالعدالة في الخبر الأول و هو الشيخ في الفرض.
بل يلزم قبول مراسيل العادل إذا أخبر عن المعصوم (عليه السلام).