و لذا لا يتأملون في العمل بظواهر الكتاب و السنة المتواترة إذا عارضها الشهرة. فالتأمل في الخبر المخالف للمشهور إنما هو إذا خالفت الشهرة نفس الخبر، لا عمومه أو إطلاقه، فلا يتأملون في عمومه إذا كانت الشهرة على التخصيص.
[نظرية بعض المعاصرين و المناقشة فيها]
نعم، ربما يجري على لسان بعض متأخري المتأخرين من المعاصرين 1، عدم الدليل على حجية الظواهر إذا لم تفد الظن، أو إذا حصل الظن الغير المعتبر على خلافها.
لكن الإنصاف: أنه مخالف لطريقة أرباب اللسان و العلماء في كل زمان، و لذا عدّ بعض الأخباريين- كالأصوليين- استصحاب حكم العام و المطلق حتى يثبت المخصص و المقيد من الاستصحابات المجمع عليها، و هذا و إن لم يرجع إلى الاستصحاب المصطلح 2 إلا بالتوجيه 3، إلا- للمشهور لا مجال للتعبد بأصالة الجهة فيه. و من ثم قد يشكل الحال في السنة المتواترة إذا عارضتها الشهرة، و للكلام مقام آخر.
(1) أشار بعض أعاظم المحشين (قدّس سرّه) إلى التفصيل في حجية الظواهر عن جماعة، كصاحبي المناهل و الإشارات و غيرهما على اختلاف بينهم في كيفيته. فراجع.
(2) لتوقف الاستصحاب المصطلح على اليقين بثبوت المستصحب و الشك في بقائه، و مع احتمال تخصيص العام يحتمل عدم عموم حكمه من أول الأمر.
(3) بأن يراد استصحاب عدم المخصص و المقيد، لليقين بعدمهما سابقا و لو قبل ورود العام. لكنه ليس استصحابا لحكم شرعي و لا لموضوع حكم شرعي ليدخل في الاستصحاب المصطلح. نعم قد ينفع بملاك آخر غير ملاك الاستصحاب المصطلح.