على التخفيف، فلا ينافي تعين القصر على المسافر و عدم صحة الإتمام منه، و مثل هذه المخالفة للظاهر يحتاج إلى التفسير بلا شبهة.
و قد ذكر زرارة و محمد بن مسلم للإمام (عليه السلام): «إن اللّه تعالى قال:
فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ،و لم يقل: افعلوا، فأجاب (عليه السلام) بأنه من قبيل قوله تعالى: فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما».
و هذا أيضا يدل على تقرير الإمام (عليه السلام) لهما في التعرض لاستفادة الأحكام من الكتاب، و الدخل و التصرف في ظواهره.
و من ذلك: استشهاد الإمام (عليه السلام) بآيات كثيرة، مثل الاستشهاد لحلية بعض النسوان بقوله تعالى: وَ أُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ،و في عدم جواز طلاق العبد بقوله: عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ 1.
و من ذلك: الاستشهاد لحلية بعض الحيوانات بقوله تعالى: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً ...الآية، إلى غير ذلك مما لا يحصى.
(1) قد يقال: إن هذا ليس تمسكا بالظاهر، إذ لا ظهور للآية إلا في ضرب المثل بالعبد الذي لا يقدر على شيء، لا أن كل عبد مملوك لا يقدر على شيء، حتى يكون له إطلاق و ينفع في الاستدلال، فاستدلال الإمام (عليه السلام) لا بد أن يكون مبنيا على علمه بالمراد من الآية على ظهور الآية فيه.
اللهم إلا أن يقال: توصيف العبد بأنه مملوك و تعقيبه بقوله: «لا يقدر على شيء» ظاهر في أن علة عدم القدرة هي المملوكية الحاصلة في كل عبد، فيدل على العموم، و لو لم يكن ظاهرا في ذلك فلا أقل من كونه مشعرا به.