و كان من فرسان
الكلام، و من فحول أهل العلم، و كثرة فضله تزري بالبحور الزاخرة عند الهيجان و
التلاطم، و الجبال الشاهقة، و الأطواد الباذخة، إذا قيست إلى علوّ فهمه كانت عنده
كالنقط، و الدراري الثاقبة إذا نسبت إلى نفوذ ذهنه كأنّها حبط.
حكى عنه الثقات
أنّه مرّ على كتاب الشفاء ثلاثين مرّة: إمّا بالقراءة، أو بالتدريس، أو بالمطالعة،
و أخبرني بعضهم أنّه كان سقط من كتاب الشفاء عنده أوراق، فكتبها من ظهر قلبه، فلمّا
عورض بكتاب صحيح ما شذّ منه إلّا حرفان أو حرف.
و بالجملة
الكتب المتداولة في الحكمة و الكلام و الاصول كانت عنده أسهل من نشر الجراد، حتّى
يمكن للناس أن يقولوا: إنّ هذا لشيء عجاب، إن هذا لشيء يراد. و كان ;
مع ذلك ذا بسطة في الفقه و التفسير و الحديث مع كمال التحقيق فيها.
و بالجملة كان
آية عظيمة من آيات اللّه، و حجّة بالغة من حجج اللّه، و كان ذا عبادة كثيرة، و
زهادة خطيرة، معتزلا عن الناس، مبغضا لمن كان يحصّل العلم للدنيا، عاملا بسنن
النبي 6، و في نهاية الاخلاص لأئمّة الهدى :، و ذا
شدّة عظيمة في تسديد العقائد الحقّة و تشديدها، و ذا همّة جسيمة في إجراء امور
الدين مجراها و تأييدها.
و قال المحقّق
الخوانساري في الروضات (1: 114): العلم العالم الجليل مولانا إسماعيل ... كان
عالما بارعا، و حكيما جامعا، و ناقدا بصيرا، و محقّقا نحريرا، من المتكلّمين
الأجلّاء، و المتتبّعين الأدلّاء، و الفقهاء الأذكياء، و النبلاء الأصفياء.