ينافي المرجحيّة، مع أنّ اللازم كون المرجّح ممّا يفيد قوّة في المناط، و المناط في حجيّة الخبر هو الظنّ النوعي، و هو يتقوّى بالظن النوعي [1]، و ليس المدار في حجيّة الخبر من حيث هو الظنّ بالواقع فعلا [2]، فلا يكون الظن الفعلي معتبرا في مقام الترجيح أيضا؛ بل يمكن أن يقال: لا يكفي الظن الفعلي إذا لم يكن حاصلا من أمارة نوعيّة؛ لأنّه لا يفيد [3] القوّة في مناط الحجيّة؛ فتدبّر!.
فلا بدّ إمّا من الحكم بأنّ المدار على الظن الفعلي، و لو لم يكن هناك معارض للخبر، أو الحكم بكفاية الظنّ النوعي أيضا في مقام الترجيح؛ لأنّه من الواضحات كونه موجبا لقوّة الخبر في طريقيّته و دليليّته، فلا وجه للحكم [4] بحجيّة الخبر من باب الظن النوعي و إناطة الترجيح بالظن الفعلي، و الحكم بعدم إمكان إناطته بالظنّ النوعي.
و إن قال: إنّه و إن أمكن إلا أنّه لا دليل عليه؛ نقول: إنّ أخبار المرجّحات كلّها ظاهرة في ذلك؛ حسبما عرفت.
الثاني: المرجّح الجهتي:
بأن يكون مع أحد الخبرين أمارة على أنّه صدر لا لبيان الحكم؛ بل لغرض آخر، و مصلحة أخرى، و المصالح الداعية إلى صدور الخبر لا لبيان الحكم الواقعي و إن كانت من حيث هي غير محصورة، إلا أنّ الذي [5] بأيدينا في الأخبار ليس إلا التقيّة، فإذا كان أحد الخبرين موافقا للعامّة و الآخر مخالفا يرجح الثاني، و يحكم بأنّ الأول صدر تقيّة، و هذا المرجّح لا يختص بالظنيين بل يجري في القطعيين أيضا، كالمرجّحات المضمونيّة.
هذا؛ و يمكن أن يعدّ من المرجّح الجهتي مثل تأخّر الورود، بناء على كون السرّ في الأخذ بالمتأخر هو النسخ، فإنّه أيضا يرجع إلى أنّ المتقدم صدر مطلقا و ظاهرا في جميع الأزمان لمصلحة، و هي ما يكون في جميع الأحكام المنسوخة حيث إنّها