و أمّا ثالثا: فلأنّ الأمور المعدودة من المرجّحات الخارجيّة يمكن درجها في الداخليّة ببعض الملاحظات، مثلا مخالفة العامّة أو موافقة الكتاب أو الاعتضاد بدليل آخر إذا لوحظت بأنفسها كانت من الخارجيّة، و إذا لوحظت بلحاظ كونها محدثة لصفة متقوّمة بالخبر المخالف أو الموافق كانت من الداخليّة.
و أمّا رابعا: فلعدم [1] المقابلة الحقيقيّة بين مرجّحات الصدور و الجهة و المضمون و لزوم صيرورة قسم الشيء قسيما له؛ لأنّ مرجّحات المضمون إمّا مرجحة للصدور أو للجهة أو لهما، نعم قد يكون المرجح المضموني غير مؤثر في الأقربيّة إلى الصدور، و لا يكون مرجّحا للجهة أيضا، مثل أولويّة التأسيس، و جلب المنفعة، لكنّه ساقط عن الاعتبار، و إن كان مذكورا في كلمات القوم، فإن أريد بالمرجّح المضموني خصوص هذا القسم لزم عدم استيفاء الأقسام و خروج معظم المرجحات عن الضابط؛ كالشهرة و أمثالها ممّا هو ناظر و طريق إلى الواقع، و إن أريد الأعم لزم صيرورة قسم الشيء قسيما له.
ثمّ قال: و إن شئت ضابطا سليما عمّا أوردنا قلنا [2]: إنّ المرجح إمّا أن يتوقف تعقله على تعقّل أمر خارج عن المتعارضين؛ فهذه مرجّحات خارجيّة كالأمثلة المذكورة أو لا يتوقف، فهذه داخليّة؛ لانحصارها في السنديّة و المتنيّة و الحاليّة، ثمّ قلت: إنّ كلا منهما إمّا يرجح الصدور أو الجهة أو المضمون، و إن شئت موافقة القوم في مراعاة محلّ المرجّح لا محلّ الرجحان؛ فاختر ضابط القوانين؛ لأنّه أخصر [3] و أسدّ، لا يعزب عنه شيء من المرجّحات، مع ما فيه من مراعاة المقابلة الحقيقيّة، و محافظة لطريقة السّلف في تقسيم المرجّحات: إلى السنديّة و المتنيّة و الخارجيّة .. انتهى بأدنى تغيير.
قلت:- مضافا إلى ما عرفت ما به تندفع هذه الإيرادات- إنّ ما ذكره من أنّه لو أريد
[1] كانت العبارة في نسخة الأصل هكذا: «فلعده». و أثبتنا هذه الكلمة من نسخة (د).