فغضب من ذلك و استعظم قتل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فلم تزل تتبرّج له بحسنها و جمالها و ترغّبه في نفسها و مالها حتّى قبل بذلك، و أوعدها بما طلبت، و كان في تلك الأيّام يتردّد إليها و يعدها، ثمّ ورد عليه في تلك الأيّام كتاب بموت بعض أقاربه، و كان هو الوارث لماله، و مضى لأخذ المال، و جعل طريقه على باب قطام و أخبرها بذلك و أوعدها بقضاء حاجتها إذا هو رجع.
ثمّ سار إلى أن بلغ ذلك المكان، فتسلّم المال و رجع، فالتقاه بعض اللصوص و أخذوا جميع ما كان معه إلّا قليلا من الدنانير لم يعلموا بها، و هرب بنفسه خائفا من القتل، فقصد أبيات لبعض الأعراب فأنزلوه و سألوه عن حاله، فأخبرهم أنّه من أهل الكوفة، و كانوا من الخوارج، فغضبوا و ائتمروا في قتله، و هو يسمع كلامهم فيما بينهم، فأقبل على كلب لهم مريض فمسح عليه يده، و هو يقول: مرحبا بكلب قوم أكرموني، فلمّا رأوا ذلك منه سكن غضبهم عنه، و اطلعوه على سرّهم، و أنّهم يريدون قتل عليّ (عليه السلام) و معاوية و عمرو بن العاص، فأخبرهم بأنّه موافق لهم على عزمهم فاستبعدوا ذلك، فأخبرهم بأنّه من اليمن، و بما كان له مع قطام بنت شجنة فسكنوا إلى قوله [1].
ثمّ عقد العهد مع اثنين، و هما: البرك بن عبد اللّه التميميّ، و عبد اللّه بن عمر العنبريّ، فكان الاتفاق بينهم على أن يمضي كلّ واحد منهم إلى واحد من الثلاثة المذكورين و يقتله، و كان الموعد ليلة تسع عشرة من شهر رمضان؛ فمضى البرك إلى عمرو بن العاص بمصر، و مضى عبد اللّه بن عمر العنبري إلى معاوية بدمشق، و في بعض السّير بالعكس، و مضى عبد الرحمن إلى عليّ (عليه السلام)
[1] تاريخ الطبري 6: 83، الإرشاد: 15، روضة الواعظين 1: 132، إعلام الورى: 199، الكامل في التاريخ 3: 387، نور الأبصار: 115 ..