responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البيان المفيد في شرح الحلقة الثالثة المؤلف : المنصوري، الشيخ أياد    الجزء : 1  صفحة : 246

قلْ: إنّ الإصابة لها معنيان:

أحدهما: إصابة القطع للواقع، بمعنى: كون ما تعلّق به القطع ثابتاً و مطابقاً للواقع، فإن لم يكن المقطوع به ثابتاً في الواقع، سمي القطعُ غير مصيب، فالملحوظ في الإصابة و عدمها في هذا المعنى، هو كون المقطوع به ثابتاً في الواقع و عدمه، و لا فرق في المقطوع بين أن يكون حكماً شرعياً، أو موضوعاً لحكم شرعي، أو أي أمر خارجي آخر، فمثلًا، لو قطع المكلف بحرمة شرب الخمر و كانت ثابتة في الواقع، سمي القطعُ مصيباً، و إنْ لم تكن ثابتة في الواقع و كان الواقع عدم الحرمة، سمي القطعُ غير مصيب، أو قطع بكون المائع الذي أمامه خمراً و كان الواقع كذلك، كان القطع مصيباً، و إن لم يكن كذلك بل كان المائع خلًّا- مثلًا-، كان القطع غير مصيب.

و الآخر: إصابة القاطع في قطعه، بمعنى: أنّه اعتمد في قطعه على مبرّرات موضوعيّة بحيث لو حصلت عند أي أحد متّزن الذهن لحصل لهُ القطع عادةً، فإن كان معتمداً في قطعه على طرق و وسائل موضوعية و لم يكن متأثراً بحالة نفسية، أو ظروف بيئيّة، أو مُبتنيات قبلية، و غيرها من العوامل الأخرى، سمّي ذلك القطعُ مصيباً، و في المقابل، لو لم يكن معتمداً على ما يبرّر ذلك القطع، بل كان متأثراً بالعوامل المتقدّمة، سمي مثل هذا القطعُ غير مصيب، فالمناط في الإصابة و عدمها بحسب هذا المعنى، هو الاعتماد على المبرّرات الموضوعية أو عدم الاعتماد عليها.

فهذان معنيان للإصابة في القطع، و المعيار في الأول هو كون المقطوع به ثابتاً في الواقع، و المعيار في الثاني هو كون القاطع يمتلك مبرّرات موضوعيّة لهذا القطع، و عدم تأثره بعوامل نفسيّة معينة، أو غيرها من العوامل الأخرى‌ [1].


[1] هناك مجموعة من الظروف و العوامل قد تؤثر بشكل غير اعتيادي في حصول القطع و عدمه:

منها: الحالة النفسية التي يعيشها الشخص، من قبيل حسن الظن، و سوء الظن؛ فإن حسن الظن بإنسان معيّن، يجعلك لا تصدّق بسهولة في ما إذا نُقل عنه- مثلًا- أنه ارتكب قبيحاً، أو فعل فعلًا لا يناسبه بنظرك، و على العكس في ما لو كان المُخبر عنه مما تسي‌ء به الظن أصلًا؛ فإنّك سرعان ما يحصل لك التصديق بما يُنقل عنه من ارتكابه لفعل قبيح مثلًا.

و منها: الظروف البيئية التي يعيشها الشخص، و الثقافة التي يحملها؛ فكلما كانت الظروف البيئية التي يعيشها الشخص بسيطة، بحيث تخلق منه إنساناً بسيطاً لا يتمتع بثقافة عالية، فإنه سرعان ما يحصل له التصديق بخلاف الشخص الذي يتمتع بثقافة عالية.

و منها: المتبنيات القبلية للشخص؛ فكلما كانت القضية التي يواجهها ذلك الشخص مخالفة لما يعتقده و يتبنّاه، تكون درجة التصديق بها أبطأ ممّا لو كانت القضيّة مما توافق ما يتبنّاه ذلك الشخص، فإن التصديق بها يكون بدرجة أسرع.

فنتيجة لهذه العوامل و غيرها، تجد أنّ الإنسان قد يحصل له القطع بسرعة؛ و إن كانت المبرّرات الموضوعيّة التي يواجهها ذلك الشخص لا تؤدي غالباً لحصول القطع.

اسم الکتاب : البيان المفيد في شرح الحلقة الثالثة المؤلف : المنصوري، الشيخ أياد    الجزء : 1  صفحة : 246
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست