اسم الکتاب : البيان المفيد في شرح الحلقة الثالثة المؤلف : المنصوري، الشيخ أياد الجزء : 1 صفحة : 156
جعله للحكم
الظاهري، فالمجعول هو الذي ميّز الأمارات عن الأصول العملية.
و توضيح ذلك: إنّ المجعول إن كان هو الطريقية و الكاشفية، دخل المورد في نطاق الأمارات، و لأجل ذلك- و الكلام للمحقق النائيني- كان خبر الثقة من الأمارات؛ فإن الذي جعله الشارع عند جعله لحجية خبر الثقة، هو تتميم كشفه و اعتباره كاشفاً تاماً عن مؤدّاه بالاعتبار و التعبد؛ لأنّ خبر الثقة له نحو من الكاشفية عن مؤدّاه، و هذه الكاشفية كاشفية تكوينية يقتضيها نفس كون المخبر ثقة، غاية الأمر أنها كاشفية ناقصة بمرتبة الظن، بخلاف كاشفية العلم؛ فهي كاشفية تامة، و الشارع بجعله الحجية للخبر، تمّم تلك الكاشفية و اعتبرها كالكاشفية الثابتة للعلم من حيث الإحراز و الكشف عن الواقع، و هذا معنى أن المجعول في باب الأمارات هو العلمية و الكاشفية.
و إن لم يكن المجعول فيها ذلك- أي الكاشفية-، بل كان مجرّد بيان الوظيفة العملية للمكلّف دخل المورد في نطاق الأصول العملية [1] كأصالة البراءة- مثلًا- فإن
[1] و على هذا، فالمناط في كون الشيء أصلًا عملياً، هو كون المجعول فيه مجرّد بيان الوظيفة العملية و الجري العملي على طبقها و إن كان فيه جهة الأماريّة و الكاشفيّة، و لكن الشارع ألغى جهة كشفها و اعتبرها أصلًا عملياً.
قال المحقق النائيني في فوائد الأصول ج 4 ص 482: «كما لا يبعد أن تكون قاعدة التجاوز و أصالة الصحّة، بل الاستصحاب في وجه، من هذا القبيل؛ فإن في هذه الأصول جهة الكاشفية و الأماريّة، و لكن الشارع اعتبرها أصولًا عمليّة».
و من خلال ذلك، يتضح أن الأمارة كمصطلح أصولي يقابل الأصل العملي، ما كان واجداً لجهة الكشف و الإحراز عن الواقع مع فرض جعل الحجية لها من الشارع لأجل تلك الجهة، بمعنى أن الشارع لاحظ جهة كشفها في مقام اعتبارها، بخلاف الأصل العملي؛ فقد تكون فيه جهة الأماريّة و الكاشفية كالاستصحاب، و لكن الشارع ألغى جهة كشفها في مقام اعتبارها، و قد لا تكون فيه أي جهة كشف أصلًا كالبراءة، و بعبارة أخرى: أنّه لا يعتبر في كون الشيء أصلًا عملياً فقدانه لجهة الكشف و الإحراز عن الواقع، بخلاف الأمارة؛ فإنّه مما يعتبر فيها جهة الاماريّة و الكشف عن الواقع بقطع النظر عن التعبّد بها.
اسم الکتاب : البيان المفيد في شرح الحلقة الثالثة المؤلف : المنصوري، الشيخ أياد الجزء : 1 صفحة : 156