اسم الکتاب : البيان المفيد في شرح الحلقة الثالثة المؤلف : المنصوري، الشيخ أياد الجزء : 1 صفحة : 128
لخلق مصلحة في المؤدى راجحة على مصلحة الواقع، و تستتبع الحكم على طبقها.
فإن كان مفاد و مؤدّى الأمارة التي جعلها الشارع حجّة وجوب صلاة العيد- مثلًا-، فإن الشارع- طبق هذا المسلك- يجعل حكماً ظاهرياً على طبق ما أخبر به الثقة، أي: حكماً مماثلًا لمؤدى الأمارة، فيكون وجوب صلاة العيد حكماً تكليفياً ظاهرياً، فلو كان الواقع هو الحرمة أو عدم الوجوب، وقع التضاد حينئذٍ بين الحكم الواقعي و هو الحرمة و بين الحكم الظاهري الذي جعله الشارع طبقاً لمؤدى الأمارة و هو الوجوب بحسب الفرض.
و خلاصة القول: إن منشأ إشكال التضاد، إنّما هو افتراض مؤديات الأمارات و الأصول أحكاماً ظاهرية، و الذي أساسه مسلك جعل الحكم المماثل، و تفسير حجيتها بجعل حكم تكليفي على طبق مؤداها و الحال أنه مسلك غير صحيح؛ بل الصحيح هو القول بأن المجعول في باب الطرق و الامارات هو العلمية و الطريقيّة ليس إلّا، فمعنى أن خبر الثقة حجة، هو جعله علماً و كاشفاً تاماً عن مؤداه بالاعتبار و التعبّد [1]، فليس هناك حكمان تكليفيان أحدهما واقعي و الآخر ظاهري، بل لا يوجد عندنا في الواقع إلّا الحكم الواقعي فقط، فلا يلزم من جعل الحجية اجتماع حكمين تكليفيين متضادين [2].
و السرّ في ذلك أنّ الهدف من جعل الحجية لخبر الثقة- مثلًا- هو تنجيزه للأحكام الشرعية التي يحكي و يكشف عنها، و هذا يتمّ بجعله علماً و كاشفاً تاماً عن مؤداه، و من المعلوم أن العلم منجز من دون فرق بين أن يكون علماً حقيقياً كالقطع، أو علماً
[1] هذا هو المسلك المعروف بمسلك جعل العلمية أو جعل الطريقية أو تتميم الكشف- باعتبار أن الكشف في الأمارة كشف ناقص لا يتعدّى الظن عادةً، فتمّم الشارع هذا الكشف الناقص و جعله علماً تعبداً و اعتباراً- الذي تبنّاه المحقق النائيني لتفسير الحجية المجعولة للأمارة و التفريق بينها و بين الحجية المجعولة في مورد الأصل العملي، و حاول الاستفادة منه في عدّة موارد و منها المورد محل البحث
[2] قال المحقّق النائيني في فوائده: ج 3 ص 510، «أما في باب الطرق و الامارات، فليس المجعول فيها حكماً تكليفياً حتى يلزم التضاد، بناءً على ما هو الحق عندنا من أن الحجية و الطريقية من الأحكام الوضعية المتأصلة بالجعل».
اسم الکتاب : البيان المفيد في شرح الحلقة الثالثة المؤلف : المنصوري، الشيخ أياد الجزء : 1 صفحة : 128