اسم الکتاب : البديع في علم العربية المؤلف : ابن الأثير، مجدالدين الجزء : 0 صفحة : 149
استحسان نحاة هذا القرن، و حظيت بقبولهم، و لكن لبعدهم عن التعصب لاقت بعض آراء الكوفيين قبولا عندهم، و كانت من قبل لا يرغب فيها إلا من كان متعصبا لمدرسة الكوفة.
و المطلع على كتاب"البديع في علم العربية"-و هو الكتاب الوحيد الباقي لابن الأثير"في النحو و الصرف، -سيحكم لأول و هلة أن"ابن الأثير"ذو نزعة بصريّة، و لكن من ينعم النظر فيه سيجد المؤلف-و إن بدا عليه الاتجاه نحو المدرسة البصرية-يرجّح كثيرا من آراء الكوفيين، و يرّد بعض آراء البصريين، بل قد يصمهم بالتعسف في تخريج الأدلة، و قد يرد على زعيم مدرستهم سيبويه، و هذا كله ينفي عنه صفة التعصب لمدرسة بعينها.
و المؤلف-رحمه اللّه-يختار من الآراء ما يبدو له أنه الأقرب للصواب و هو كثير الاجتهاد في اختيار الأرجح، و لذا رأينا أنه قد يختار الرأي غير المشهور، و يترك رأي الجمهور، و قد سبق إيراد أمثلة لذلك [1] .
و موافقته البصريّين ظاهرة في مظعم الكتاب، و يصعب حصر المسائل التي اتبعهم فيها، و أما متابعته الكوفيين فجاءت في مواضع كثيرة من الكتاب و سنكتفى بأمثلة قليلة منها:
عرضه لمذهبي البصريين و الكوفيين:
لم يشذ ابن الأثير عن متأخري النحاة في ذكر آراء المدرستين الكوفية و البصرية.
و مع هذا يكاد ينفرد باتباع مسلك عجيب إزاء عرضه للمذهبين، فهو يفصل و يحدد، و يدقق تدقيقا غريبا قلّ أن يرى لغيره، و من ذلك: