اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 3 صفحة : 63
الصادق و علمه، فأئمة السنة الذين عاصروه تلقوا عنه و أخذوا، أخذ عنه مالك رضي اللّه عنه، و أخذ عنه طبقة مالك كسفيان بن عيينة، و سفيان الثوري، و غيرهم كثير، و أخذ عنه أبو حنيفة مع تقاربهما في السن و اعتبره أعلم الناس، لأنه أعلم الناس باختلاف الناس، و قد تلقى عليه رواة الحديث طائفة كبيرة من التابعين، منهم يحيى بن سعيد الأنصاري و أيوب السختياني و أبان بن تغلب و أبو عمرو بن العلاء و غيرهم من أئمة التابعين في الفقه و الحديث، و ذلك فوق الذين رووا عنه من تابعي التابعين و من جاء بعدهم و الأئمة المجتهدين الذين أشرنا إلى بعضهم.
و فوق هذه العلوم أوتي الإمام الصادق (عليه السلام) علما بحاجات سلوك المؤمن و متطلبات الحفاظ على الأخلاق، فسدد إلى الرأي الناجع و القول الحكيم، و ألهم قدرة التقويم و التأثير في النفوس. و قد اطلعنا على جوانب من اهتمام الإمام (عليه السلام) بحياة الناس و مشاكل المجتمع فكان يبذل جهده من رأي و مال و مشاركة فعلية، و جعل علم الأخلاق في مقدمة ما يرمي إلى شيوع أصوله و قواعده المتمثلة بدعوته إلى التمسك بتعاليم الدين الحنيف، و قد أشرق علم الأخلاق من خلال قوة البرهان و نور الوجدان الديني و فعل مواقف الإمام و سيرته في النفوس و كانت وجوه التقوى و الورع في مواجهة الانحراف و تقبّل الناس للرذيلة.
و هكذا النفس المسئولة التي تتحمل أعباء دوام الدعوة تعالج الاعوجاج بالخلق القويم و تواجه الباطل بالحق المبين.
و لننقل لك وصيته لابنه موسى فهي خلاصة تجارب نفس مؤمنة مستمسكة تمرست بالحياة و علمت ما فيها، فقد جاء في حلية الأولياء ما نصه:
حدث بعض أصحاب جعفر بن محمد الصادق، قال: دخلت على جعفر و موسى بين يديه و هو يوصيه فكان مما حفظت منها أن قال:
يا بني اقبل وصيتي، و احفظ مقالتي، فإنك إن حفظتها تعيش سعيدا، و تموت حميدا.
يا بني، من رضي بما قسمه اللّه له استغنى، و من مد عينيه إلى ما في يد غيره مات فقيرا، و من لم يرض بما قسمه اللّه اتهم اللّه في قضائه، و من استصغر زلة نفسه استعظم زلة غيره.
اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 3 صفحة : 63