اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 3 صفحة : 174
فيأخذ ما هو الأصلح لغذاء العقول و النفوس، و أقواها في بناء المجتمع على أسس تشتق من الماضي قوتها، و تلائم الحاضر، و لا تنافي الصالح العام [1] و هو كقاض يدرس البينات يستنطقها و يأخذ عنها حتى إذا انتهى إلى الحكم نطق به [2] إلى كثير من أقواله التي تدل بظاهرها على حرصه الشديد في إظهار الحقيقة، و مناصرة الحق بدراسة عميقة، و تتبع واسع، و بذل جهد في الحصول على ما يتفق مع الحقيقة.
و لقد ساءنا- كما ساء كثيرا من القراء- ما لمسناه من تساهله في النقل و اعتماده على مصادر لا يليق بالباحث المنقب الاعتماد عليها، و كان الأجدر به أن يتأمل فيما يكتب، و يتوثق ممن ينقل عنه، لأنه يبحث عن أمور لها أهميتها من الواقع و ما يترتب عليها في بناء المجتمع بإزالة رواسب خلقتها أفكار بالية و غذتها طائفية رعناء.
و على كل حال: فإن جوهر الخلاف بيننا و بين المؤلف في إبداء هذه الملاحظات هو ما استنكرناه من الأمور المخالفة للحقيقة و البعيدة عن الصحة لأني لمست منه الاسترسال و عدم التتبع، في حكمه على كثير من الأمور بدون بينة، و إعطاء النتائج بدون مقدمات، مما أوقعه في أخطاء كثيرة، و هو مؤاخذ على ذلك، و لا يغفر له و لأمثاله، ممن نأمل منهم أن ينظروا إلى الأمور بمنظار الواقع، و يتأملوا فيما يسجلونه، فإن الإسفاف وراء سراب الخداع و الإشاعات المغرضة، ليس من شأن العلماء الذين يعتصمون بغزارة علمهم لأنهم يحترمون الحقائق أكثر من غيرهم، و يحاولون رفع ما يتأشب به الحق من الأباطيل.
و لهذا فقد ترفعنا عن مناقشة من يدعي العلم و هو جاهل، و ينتحل الدفاع عن الإسلام و يطعنه في الصميم، لأن هؤلاء يبذرون الشقاق، و يوقدون نار الفتنة، بما تقذفه أقلامهم من سموم، و لم يتعظوا بمآسي التاريخ، و ما حل بالمسلمين من ويلات الدمار، و عوامل الانهيار، و ما جلبه عليهم انشقاق كلمتهم من الذل و الهوان.
و الغرض أننا نظرنا إلى الشيخ بعين الإكبار و التقدير و سايرناه في بحوثه نظرا لشهرته الواسعة و كثرة إنتاجه، و لكنه بمزيد الأسف لم يعط الموضوع ما يستحقه من التتبع و كثرة المصادر، بل أقول بكل صراحة إن دراسته هذه أعطتنا عنه صورة غير ما