اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 592
و يعرف مقامه، و لكنه عند ما يجيب عن المسألة كان يجيب فيما يتعلق بالخلافة و الخلفاء، و لعل لجوابه بعض المبررات و إن كنا لا نوافقه في جوابه (ثم يذكر المبررات لقول مالك) إلى أن يقول: و هو في هذا القول يضرب على نغمة معاوية و الأمويين.
و مهما تكن المبررات التي تدفع إلى ذلك الحكم على سيف الإسلام أخي رسول اللّه، و زوج ابنته، و من كانت منه الذرية الطيبة النبوية (عليها السلام) فإن ذلك الحكم يدل على نزعة أموية [1]
العباسيون و التفضيل:
و نحن نقول: إنها نزعة عباسية أيضا، و ذلك لأن العباسيين سرت إليهم نزعة العداء لآل محمد (صلّى اللّه عليه و آله و سلم): بصورة أشد مما كانت عند الأمويين، فإنهم بعد أن كانوا يتفقون مع العلويين في الرأي و يتحدون معهم في الغضب على أعمال أمية، و ينتصرون للعلويين و يخلصون لهم الود، و يذهبون لأحقية عليّ بالخلافة و أفضليته على جميع الأمة، و كان المنصور نفسه يحدث بفضائل علي، و هو أحد رواة حديث الغدير [2]، و كانوا يأمرون الدعاة بأول ما يظهرونه للناس هو فضل عليّ و أولاده، فلما استجابت الأمصار لهم، و تم زوال الدولة الأموية، و تربعوا على دست الحكم حصل ذلك التبدل السريع، و التحول الغريب، فأظهروا العداء لأهل البيت، و ساموهم الخسف و الهوان، و أصبح العلويون يطاردون من قبل الدولة، و لا ذنب لهم إلا أنهم المرشحون للخلافة، و إليهم تتجه الأنظار، و عليهم تحوم الآمال، فهم أهل الزعامة الدينية و الحق الشرعي، و قد سبق الاعتراف من العباسيين لهم بذلك. حقا أنه تحول غريب و لكنه الملك، و الملك عقيم.
دخل المهدي على أبي عون بن عبد الملك يعوده و طلب إليه أن يعرض عليه حوائجه، فقال أبو عون: يا أمير المؤمنين حاجتي أن ترضى عن عبد اللّه بن أبي عون و تدعو به فقد طالت موجدتك عليه. و كان عبد اللّه يرى رأي الشيعة في الخلافة، و أن عليا أفضل الخلق بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم)، فقال المهدي: يا أبا عون إنه على غير الطريق، و على خلاف رأينا.