responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر    الجزء : 1  صفحة : 533

عليك، فانظر لنفسك فإنه لا ينظر إليها غيرك، و حاسبها حساب رجل مسئول، و انظر كيف شكرك لمن غذاك في نعمه صغيرا أو كبيرا، فما أخوفني عليك أن تكون كما قال اللّه تعالى في كتابه: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ ... الآية إلى آخر الرسالة الخالدة [1].

و الرسالة تعبر عن اتجاه الإمام زين العابدين إلى إبعاد رجال الدين و أصحاب المنزلة الدينية عن دوائر الحكام و رجال الجور و الباطل، فإنما احتل العلماء هذه المنزلة في نفوس الناس لمكان العقيدة في النفوس و تمجيد كل ما يمت إلى الدين بصلة، خاصة حملة العلم و أصحاب الفقه الذين يجب أن يكونوا دعائم للحق لا دعائم للباطل و الجور. و قد لمست الأمة بعد الحكام عن العقيدة و إن لم تكن مبادئ الإسلام هي التي قررت مضمون العدالة و المساواة، فإن نواميس الحياة تؤكد تأثر المجتمع بالعلماء و الأمراء فإذا صلحا صلح المجتمع، فكيف إذا كان الزهري في غمار الملوك الطغاة البغاة، و صفة الزهري الدينية و منزلته العلمية يفترض أن تحمله إلى شاطئ الإمامة لا إلى خضم السلطان فاختار الإمام زين العابدين (عليه السلام) أن يتجه بالخطاب إلى الزهري في فترة اختط فيها الإمام نهج الدعوة الدينية لبناء النفوس و تنزيه الدين من الالتقاء مع الجائرين و تأكيد سياسة عدم التعاون مع الظلمة التي سار عليها أهل البيت و حرصوا على إلزام الأمة مقاطعة الظالمين و هجرهم. و إن من أشد معوقات ذلك أن يكون من يفترض فيهم الصلاح جسرا للبلاء و سلما للضلال.

و الجدير بالذكر أن الإمام زين العابدين وجّه عنايته إلى الزهري كواحد من تلاميذه لما كان الزهري يغشى مجلسه فيقوم الإمام زين العابدين بإسداء النصح و الإرشاد. دخل الزهري على الإمام زين العابدين و هو كئيب حزين، فقال له زين العابدين (عليه السلام): ما بالك مغموما؟ قال يا ابن رسول اللّه، غموم و هموم تتوالى عليّ لما امتحنت به من جهة حساد نعمي و الطامعين فيّ، و ممن أرجو، و ممن أحسنت إليه فيخلف ظني. فقال له الإمام: اضغط عليك لسانك تملك به اخوانك، قال الزهري: يا ابن رسول اللّه، إني أحسن إليهم بما يبدر من كلامي. قال الإمام زين العابدين:

هيهات هيهات، إياك أن تعجب من نفسك بذلك، و إياك أن تتكلم بما يسبق إلى القلوب إنكاره، و إن عندك اعتذاره، فليس كل من تسمعه شرا يمكنك أن توسعه عذرا.


[1] تحف العقول.

اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر    الجزء : 1  صفحة : 533
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست