اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 529
من الزحام، و كنا عند مالك فلا يكلم هذا هذا، و لا يلتفت ذا إلى ذا و الناس قائلون برءوسهم هكذا (مبالغة في الانصات)، و كان السلاطين تهابه، و هم قائلون و مستمعون، و كان يقول في المسألة لا أو نعم فلا يقال له من أين لك هذا.
و كانت لمالك بن أنس سلطة تنفيذية فهو يضرب و يسجن و قد ذكرت كتب مناقب مالك كثيرا من ذلك فمنها:
ان رجلا كان عند مالك فقال: أ ليس قد أمر النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) بدفن الشعر و الاظفار فغضب مالك و أمر بضربه و سجنه.
فقيل له: إنه جاهل.
فقال: يقول قال النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) و قد قال النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.
و قد أعلن مالك غضبه عمن يروي عن النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) فيضربه أو يحبسه حتى يصح عنده ذلك فيطلقه فما كان يتهيأ لأهل المدينة أن يقولوا قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم).
و كان المشايخ الذين سمعوا الحديث مع مالك قد تركوا الحديث هيبة لمالك أو خشية منه إلى أن مات حدثوا بما عندهم.
و سأله هشام بن القاري عن حديث و هو واقف فضربه عشرين سوطا ثم أشفق عليه فحدثه.
و دخل عليه رجل فقال: ما تقول فيمن قال: القرآن مخلوق؟
فقال مالك: زنديق اقتلوه. فقال الرجل: يا أبا عبد اللّه إنما أحكي كلاما سمعته. قال مالك: لم أسمعه من أحد إنما سمعته منك.
إلى غير ذلك مما حدثتنا به كتب مناقبه [1] و يجب ألا يغيب من بالنا مقاصد الدولة من وراء هذا الاتجاه.
إذا فليس من الغريب أن تتسع أقوال المدح فيه، و أن يتقرب الناس إليه برؤيا النبي فهذا يأتي إليه و يقول له: كنت راقدا في الروضة فرأيت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) متوكئا على أبي بكر و عمر فقلت: يا رسول اللّه من أين أقبلت؟ فقال مضيت إلى مالك فأقمت له الصراط المستقيم [2].
[1] مناقب مالك للزاوي 30 و تزين المسالك للسيوطي 14.