responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر    الجزء : 1  صفحة : 528

فقال له مالك: أوصيك بتقوى اللّه وحده، و العطف على أهل بلد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) و جيرانه، فإنه بلغنا أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) قال: «المدينة مهجري، و بها قبري، و بها مبعثي، و أهلها جيراني، و حقيق على أمتي حفظي في جيراني، فمن حفظهم كنت له شهيدا و شفيعا يوم القيامة».

و على أثر هذه الوصية أخرج المهدي عطاء كثيرا، و طاف بنفسه على دور المدينة، و لما أراد الخروج، دخل عليه مالك فقال له: إني محتفظ بوصيتك التي حدثتني بها.

و لما جاء دور الرشيد، سار على تلك الخطة التي سار عليها آباؤه، فاحتفظ بمكانة مالك، و عظمه غاية التعظيم، و لما قدم المدينة جاء الرشيد إلى منزل مالك بنفسه، فأجلسه مالك على منصته التي كان يجلس عليها للحديث، ثم أراد مالك أن يظهر من الرشيد فيه للملإ أعظم من ذلك، فقال له: يا أمير المؤمنين ما أدركت أهل بلدنا إلا و هم يحبون أن يتواضعوا للّه. فنزل الرشيد عن المنصة و جلس بين يدي مالك، تواضعا لعلمه و انقيادا لقوله.

و يطول بنا الحديث إذا حاولنا أن نشبع الموضوع في علاقة مالك بالخلفاء و الولاة، و أردنا أن نقيس حياته الأولى التي قضاها في خمول، لبعده عن سلطان عصره، مع حياته الثانية التي خطى بها إلى ميدان الشهرة و التفوق على غيره، حتى أصبح موضع عناية الدولة، و كان المنصور يطلب منه مزاملته للحج، و يسميه بركن الإسلام، و ينوط أمر ولاته به، و الرشيد يأمر عامله بأن لا يقطع أمرا دون مالك، فوقعت هيبته في النفوس، و هابته تلامذته، حتى انه ليدخل عليه الرجل إلى مجلسه فيلقي السلام عليه، فلا يرد عليه أحد إلا همهمة و إشارة، و يشيرون إليه ألا يتكلم مهابة و إجلالا، و لا يستطيع أحد أن يستفهمه أو يدنو منه، و كان على رأسه سودان يأتمرون بأمره، فإذا أشار إليهم بإخراج أحد أخرجوه‌ [1].

و كان على بابه حجاب يمنعون الناس من الدخول عليه فإذا أذن لهم ازدحموا على الباب.

قال أبو مصيب: كانوا يزدحمون على باب مالك بن أنس فيقتتلون على الباب‌


[1] مناقب مالك للزاوي ص 18 و الانتقاء لابن عبد البر ص 12.

اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر    الجزء : 1  صفحة : 528
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست