اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 497
و كان أبوه عبد اللّه يصلي فقال له أخوه إدريس، أسرع في صلاتك يا أبا محمد فالتفت إليه و أخذ رأس ولده، و قال: أهلا و سهلا يا أبا القاسم، و اللّه لقد كنت من الذين قال اللّه عز و جل فيه: الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ لا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ. وَ الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ... [الرعد: 20- 21]. فقال له الربيع: كيف أبو القاسم في نفسه؟ قال: كما قال الشاعر:
فتى كان يحميه من الذل سيفه* * * و يكفيه أن يأتي الذنوب اجتنابها
ثم التفت إلى الربيع فقال: قل لصاحبك قد مضى من يومنا أيام و الملتقى القيامة.
فمكثوا في ذلك السجن، لا يعرفون أوقات صلاتهم إلا بأجزاء من القرآن، حتى كانت نهاية أمرهم أن أمر المنصور بهدم السجن على الأحياء منهم [1] ليذوقوا الموت من بين ألم القيود و ثقل السقوف و الجدران، و كان منهم من سمر يديه في الحائط.
و هكذا اقتضت سياسة المنصور أن يعامل العلويين بهذه المعاملة القاسية، و قد أمر ببعضهم فوضع بالبناء حيا.
و لما خشي المنصور عاقبة فعله مع أبناء الحسن خشي الإنكار عليه، فقام خطيبا بالهاشمية فحمد اللّه و أثنى عليه، ثم قال:
يا أهل خراسان أنتم شيعتنا و أنصارنا، و لو بايعتم غيرنا لم تبايعوا خيرا منا، و إن ولد ابن أبي طالب تركناهم و الذي لا إله إلا هو فلم نعرض لهم لا بقليل و لا بكثير إلى أن يقول: ثم وثب بنو أمية علينا فأماتوا شرفنا و أذهبوا عزنا، و اللّه ما كانوا لهم عندنا ترة يطلبونها، و ما كان ذلك كله إلا بسببهم و خروجهم- يعني العلويين- فنفونا من البلاد، فصرنا مرة بالطائف و مرة بالشام و مرة بالسراة، حتى ابتعثكم اللّه لنا شيعة و أنصارا، فأحيا اللّه شرفنا و عزنا بكم و أظهر حقنا، و أصار إلينا ميراثنا من نبينا (صلّى اللّه عليه و آله و سلم)، فقر الحق في قراره، و أظهر اللّه مناره و أعز أنصاره، و قطع دابر القوم الذين ظلموا و الحمد اللّه رب العالمين. فلما استقرت الأمور فينا على قرارها من فضل اللّه و حكمه العدل، وثبوا علينا حسدا منهم، و بغيا لهم بما فضلنا اللّه به عليهم و أكرمنا من خلافته ميراثنا من نبيه .. إلى آخر خطبته [2].