اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 393
المظلومين، و الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر. فهناك أحاديث عن الأئمة (عليهم السلام) توضح النهج الذي ينبغي أن يجري عليه الولاة و الموظفون، كما ورد في رسالة الإمام الصادق إلى النجاشي أمير الأهواز [1].
و قوله (عليه السلام): «إن للّه في أبواب الظلمة من نوّر اللّه به البرهان، و مكن له في البلاد، فيدفع به عن أوليائه، و يصلح به أمور المسلمين».
و قد أشرنا لنهجه الذي وضعه في سياسته التي سار عليها مدة حياته، و هي السياسة السلبية التي أرادها للأمة، و قد مر تقسيمه للولاية: ولاية عدل، و ولاية جور، و سن تلك القاعدة المشروعة في معاملة ولاة الجور في عصره.
يقول أحد رجال القانون [2] في بيان تلك القاعدة عند تعرضه لرأي الإمام السياسي في عدم المعاونة مع أمراء عصره:
إن الإمام (عليه السلام) قد سنّ قاعدة مشروعة للسياسة السلبية، و هي ما يسمونها اليوم باللغة السياسية (بالعصيان المدني) أو سياسة عدم التعاون مع حكومة أو دولة لا تحترم الحقوق، أو تسيء التصرف، فتعبث بحرمة قانونية المعاهدات و المواثيق، أو تتحدى قدسية الدساتير، و حقوق الأمة المشروعة، إلى غير ذلك من وسائل الظلم، و ذرائع الباطل التي تتوسل بها الحكومات الغاشمة و الدول القوية المستعمرة، و حكام الاستبداد و الفساد في سبيل الغايات الخبيثة الدنيئة.
فالإمام الصادق (عليه السلام) قد أوجب على الأفراد عدم التعاون مع ولاتهم الجائرين على اختلاف درجاتهم و مناصبهم من أعلاهم إلى أدناهم، و حرم عليهم العمل لهم و الكسب معهم، و حذر و أوعد الفاعل لذلك بالعذاب لارتكابه معصية كبيرة من الكبائر، لأن في بذل المعونة للوالي الجائر إماتة الحق كله و إحياء الباطل كله، و في تقويته إظهار الظلم و الجور و الفساد و سحق السنن و طمس الشرائع- و العياذ باللّه- و لا نريد أن نكثر القول في شرف هذه القاعدة للسياسة السلبية و في فوائد حكمتها، و هذه القاعدة الوحيدة الناجعة لعلل السياسة الفاسدة و أوبائها المهلكة. و ليس للأحرار
[1] الوسائل في كتاب التجارة و سننشرها في قسم الوصايا.
[2] هو المحامي الشهير توفيق الفكيكي في الرسالة الأولى في حياة الصادق ص 27.
اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 393