اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 185
أسنان النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) و شعرات من شعره و نعاله، و بقية من العلم النبوي، و إناء من حديد، وجبة الإمام أبي حنيفة [1].
و بهذا الشكل سارت عوامل انتشار المذاهب مع السياسة جنبا لجنب، إذ الرغبة فيها منوطة بالقضاة و رغبة السلطة، حتى كثر التحول من مذهب إلى مذهب تقربا للسلطان و طلبا لرفده، و تحول كثير من الشافعية إلى الحنفية لأجل الدنيا، و ذلك أن الأمير بلبغا بن عبد اللّه الخاصكي الناصري الأمير الكبير صاحب النفوذ و الصولة كان يتعصب لمذهب أبي حنيفة، و يعطي لمن تحول إليه العطاء الجزيل، و رتب الجامكيات الزائدة، و حاول في آخر عمره أن يجلس الحنفي فوق الشافعي [2].
و لما انتقل أبو البركات الحنفي إلى مذهب الحنبلي فآذاه الحنفية فانتقل إلى مذهب الشافعي فقال المؤيد التكريتي في هجائه:
أ لا مبلغ عني الوزير رسالة* * * و إن كان لا تجدي إليه الرسائل
تمذهبت للنعمان بعد ابن حنبل* * * و ذلك لما أعوزتك المآكل
و ما اخترت رأي الشافعي تدينا* * * و لكنما تهوى الذي هو حاصل
و عما قليل أنت لا شك صائر* * * إلى مالك فافهم لما أنا قائل [3]
و هذا أبو بكر البغدادي الحنبلي تحول شافعيا لأجل الدنيا، و ولي القضاء، و كان أبو المظفر يوسف بن قرغلي سبط ابن الجوزي حنبليا نقله الملك المعظم إلى مذهب أبي حنيفة [4] و كثير غيرهم.
و خلاصة القول أن تلك الوسائل المشجعة للمذاهب الأربعة دعت الناس إلى الرغبة فيها و الإعراض عما سواها، و دعت أكثر الفقهاء الذين لهم أهلية الاستنباط أن يجمدوا على تقليد السلف و تعطيل موهبة الاجتهاد.
قال الشيخ أبو زرعة: قلت مرة لشيخنا البلقيني ما يقصر بالشيخ تقي الدين بن السبكي عن رتبة الاجتهاد و قد استكمل الآلة و كيف يقلد؟ و لم أذكره هو استحياء منه و لما أريد أن أرتب على ذلك.