responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإتحاف بحب الأشراف المؤلف : الشبراوي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 95

جاءت إلى قبر أبيها بعد موته (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) فوقفت عليه‌ [1]، و بكت ثمّ أخذت قبضة من‌


[1] نعلم جميعا أنّه لمّا قبض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) افتجع له الصّغير و الكبير، و كثر عليه البكاء، و عظم رزؤه على الأقرباء، و الأصحاب، و الأولياء، و الأحباب، و الغرباء، و الأنساب، و لم تلق إلّا كلّ باك و باكية، و نادب و نادبة، و لم يكن أهل الأرض فقط بل أهل السّماء، و كان أشدّ حزنا، و أعظم بكاء، و انتحابا مولاتنا فاطمة الزّهراء (عليها السّلام) و كان حزنها يتجدّد و يزيد، و بكاؤها يشتدّ، فجلست- كما في بعض الرّوايات- سبعة أيام لا يهدأ لها أنين، و لا يسكن منها الحنين، كلّ يوم جاء بكاؤها أكثر من اليوم الأوّل، فلمّا كان في اليوم الثّامن أبدت ما كتمت من الحزن، فلم تطق صبرا إذ خرجت و صرخت، فكأنّها من فم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) تنطق، فتبادرت النّسوان، و خرجت الولائد و الولدان، و ضجّ النّاس بالكباء و النّحيب، و جاء النّاس من كلّ مكان و اطفئت المصابيح لكي لا تتبيّن صفحات النّساء و خيّل إلى النّسوان أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) قد قام من قبره، و صارت النّاس في دهشة و حيرة لما قد رهقهم، و هي (عليها السّلام) تنادي و تندب أباها: وا أبتاه، وا صفيّاه، وا محمّداه، وا أبا القاسماه، وا ربيع الأرامل و اليتامى، من للقبلة و المصلّى، و من لابنتك الوالهة الثّكلى. ثمّ أقبلت تعثر في أذيالها، و هي لا تبصر شيئا من عبرتها و من تواتر دمعتها، حتّى دنت من قبر أبيها محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) فلمّا نظرت إلى الحجرة و وقع طرفها على المأذنة فقصّرت خطاها، و دام نحيبها و بكاها، إلى أن أغمي عليها، فتبادرت النّسوان إليها فنضحن الماء عليها، و على صدرها، و جبينها حتّى أفاقت فاقت، فلمّا أفاقت من غشيتها قامت و هي تقول: رفعت قوّتي، و خانني جلدي، و شمت بي عدوّي، و الكمد قاتلي، يا أبتاه بقيت والهة وحيدة و حيرانة فريده، فقد انخمد صوتي، و انقطع ظهري، و تنغّص عيشي، و تكدّر دهري فما أجد يا أبتاه بعدك أنيسا لوحشتي، و لا رادّا لدمعتي و لا معينا لضعفي، فقد فنى بعدك محكم التّنزيل، و مهبط جبرئيل، و محلّ ميكائيل، انقلبت بعدك يا أبتاه الأسباب، و تغلّقت دوني الأبواب فأنا للدنيا بعدك قالبة، و عليك ما تردّدت أنفاسي باكية، لا ينفد شوقي إليك، و لا حزني عليك. ثمّ نادت: يا أبتاه و الباه، ثمّ قالت:

إنّ حزني عليك حزن جديد* * * و فؤادي و اللّه صبّ عنيد

... إلى آخر الأبيات الموجودة في البحار: 43/ 176، فراجع.

إذا الحزن و البكاء من لوازم العاطفة البشرية و من مقتضيات رحمته سبحانه و تعالى ما لم يصحبها من منكر القول و الفعل. فقد ورد في مسند أحمد: 1/ 335 عن ابن عباس قال: قال (صلّى اللّه عليه و آله): مهما يكن من القلب و العين فمن اللّه و الرّحمة، و مهما يكن من اليد و اللّسان فمن الشّيطان. و انظر الغدير: 6/ 159، السّنن الكبرى: 4/ 70، العرائس للثعالبي/ 64 طبعة بمبئي، دعوة الحسينية/ 75 جاء فيها بكاء-

اسم الکتاب : الإتحاف بحب الأشراف المؤلف : الشبراوي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 95
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست