اسم الکتاب : الإتحاف بحب الأشراف المؤلف : الشبراوي، جمال الدين الجزء : 1 صفحة : 371
- أحمد: 1/ 376 و 377 و 430 و 448، ذخائر العقبى للطبري: 136. و لقد كان النّاس آنذاك، حتّى حاشية البلاط العباسي، يتهامسون بالحديث المروي عن جدّ- إمام الرّافضة- حيث يقول: «لو لم يبق من الدّهر إلا يوم واحد لبعث اللّه فيه رجلا من أهل بيتي ...» فلما ولدت زوجة الإمام وليدها خافت عليه من بطش أعدائه فأخفته، بأمر زوجه، و إمامها، و أبيه، عن أعين النّاس، و السّلطات، و أجهزة استخباراتها.
و هكذا أعاد التّأريخ قصة فرعون و أمّ موسى مرة أخرى.
فقد كان الحكم العباسي فرعون عصره، ينطبق عليه ما قاله اللّه في فرعون مصر: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَ جَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَ يَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ القصص:
4، و كانت أمّ المهدي كأمّ موسى الّتي قال عنها اللّه: وَ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَ لا تَخافِي وَ لا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَ جاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ. القصص: 7.
و هكذا كان أمر الإمام المهدي (عجل اللّه فرجه) . فقد كان و ما يزال يصنع على عين اللّه و تحت رعايته، و حمايته، و حفظه، لأنّه الرّجل المذخور لليوم الموعود، لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ. التّوبة: 33، لقد كانت ولادة الإمام المهدي ايذانا بدخول البشرية عامة، و الأمّة الإسلامية خاصة، مرحلة خطيرة في مسيرتها الكادحة نحو اللّه تعالى ... تلك هي مرحلة الغيبة الكبرى ...
مرحلة توقف القيادة التّأريخية لهذه المسيرة عن ممارسة أعباء القيادة، و الشّهادة الرّبانية على البشرية بصورة مباشرة كجزء من تخطيط إلهي محكم، يستهدف إخضاع البشرية إلى اختبار دقيق، و هو الأخير في سلسلة الامتحانات، و الابتلاءات الإلهية، لتربية البشرية، و اعدادها فكريا، و سلوكيا، لمرحلة المستقبل. و هذا الابتلاء الجديد هو مصداق قوله تعالى: أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ. العنكبوت: 2، بالإضافة إلى هذا كلّه، زاد الإمام (عليه السّلام) في الإيهام- متعمدا- فأشهد لفيفا من كبار رجالات الدّولة يومذاك على الوصية كما يقول الشّيخ المفيد في الفصول العشرة: 13- 14. و هذا التّصرف ليس بغريب على الإمام، و ذلك أسوة بجدّه الإمام جعفر بن محمّد الصّادق (عليه السّلام) الّذي جعل له خمسة أوصياء بعد وفاته، و من ضمنهم الخليفة العباسي المنصور، و الرّبيع، و قاضي المدينة، بالإضافة-
اسم الکتاب : الإتحاف بحب الأشراف المؤلف : الشبراوي، جمال الدين الجزء : 1 صفحة : 371