فإعراض الشيعة عن الحديث و تعلّقهم بالمتشابه هو من الضلال بمكان.
و لذا قال ابن كثير في «البداية و النهاية»: هذا الهجران فتح على فرقة الرافضة شرّا عريضا، و جهلا طويلا، و أدخلوا أنفسهم بسببه فيما لا يعنيهم، و لو تفهّموا الأمور على ما هي لعرفوا للصدّيق فضله، و قبلوا منه عذره الذي يجب على كلّ أحد قبوله ... إلى آخر كلامه [2].
و قال أيضا: و أمّا تغضّب فاطمة- رضي اللّه تعالى عنها و أرضاها- على أبي بكر فما أدري ما وجهه؟ فإن كان لمنعه إياها ما سألته من الميراث، فقد اعتذر إليها بعذر يجب قبوله، و هو ما رواه عن أبيها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) أنّه قال: «لا نوّرث، ما تركناه صدقة» و هي ممّن تنقاد لنصّ الشارع الذي خفي عليها قبل سؤالها الميراث، كما خفي على أزواج النبي (صلّى اللّه عليه و آله) حتّى أخبرتهنّ عائشة بذلك و وافقنها عليه، و ليس نظنّ بفاطمة أنّها اتّهمت الصدّيق فيما أخبرها به، حاشاها و حاشاها من ذلك [3].
و قال الكرماني: و أمّا غضب فاطمة رضي اللّه تعالى عنها فهو أمر جعل على مقتضى البشرية و سكن بعد ذلك، أو الحديث كان متأوّلا عندها بما فضل من معاش
[1]. الحديث تفرّد به أبو بكر، و أمّا الخليفتان عمر و عثمان و عائشة فقد خالفوا الخبر بسيرتهم العملية كما تقدّم، و أمّا علي (عليه السّلام) فقد عارض الحديث قولا و فعلا، و معارضته مع الزهراء دليل قاطع على ذلك، و أمّا العباس فقد طالب بحقّه حتى في زمان عمر، و البقيّة أخذوه من أبي بكر سماعا. و لو راجعت الخبر لم تجد أحدا يقول: سمعت من النبي (صلّى اللّه عليه و آله) قال ذلك، غير أبي بكر، نعم شهد لأبي بكر به أوس بن الحدثان النضري، و قد صرّح البخاري في التاريخ الكبير 7: 305 أنّه لم تصحّ له صحبة، و كذا الرازي في الجرح و التعديل 8: 203 قال: «لا يصحّ له صحبة».
[2]. لم نجد ما يدلّ على ترجيح قول ابن كثير، فالحديث: مخدوش سندا و دلالة، و هو معارض بالعشرات غيره.
[3]. البداية و النهاية 5: 307، السيرة النبوية لابن كثير 4: 569. و كلامه فيه تهافت كما هو واضح.
اسم الکتاب : الأنوار الباهرة بفضائل أهل بيت النبوة و الذرية الطاهرة المؤلف : أبو الفتوح عبد الله التليدي الجزء : 1 صفحة : 156