اسم الکتاب : الأصول في علم الأصول المؤلف : الإيرواني، الشيخ علي الجزء : 1 صفحة : 9
بعد أن لم يكن في ذاته ذاك الكشف و الدلالة، لا أنّ دلالة الألفاظ على المعاني ذاتيّة غير منوطة بوضع الواضع، فإنّ هذه الدعوى بديهيّة البطلان لا يتفوّه بها أحد.
ثمّ إنّ حقيقة الوضع الصارف للدلالة من جانب إلى آخر و الموجّه لها من مدلول إلى مدلول عبارة عن التنزيل و ادّعاء الوحدة و الهويّة و العينيّة بين اللفظ و المعنى، يعني أنّ لفظ «زيد» المركّب من موادّ خاصّة بهيئة خاصّة هو بعينه ذاك الشخص الخارجي الموصوف بالصفات الخاصّة الخارجيّة، فصار ذاك الشخص الخارجي بعد هذا التنزيل وجودان:
وجود عينيّ خارجيّ، و أخر لفظيّ ادّعائي. فإذا صار ذلك الشخص هو عين كلمة «زيد» و كلمة «زيد» هي عين ذلك الشخص حصلت الإشارة بلفظ «زيد» إلى ذلك الشخص، و كانت الإشارة باللفظ إليه إشارة باللفظ إلى نفس اللفظ؛ إذ قد فرض أنّ المعنى هو نفس اللفظ لا شيء غيره. و الحاجة الماسّة إلى هذا التنزيل و ادّعاء العينيّة، هي الحاجة إلى التعبير عن المعاني و الاشارة إليها و لمّا لم تكن آلة إشارة أسهل من اللفظ، و لا شيء صارف لدلالة اللفظ إلى المعنى سوى التنزيل و ادّعاء العينيّة بين اللفظ و المعنى، احتيج إلى الوضع و تنزيل آحاد الألفاظ بموادّ مختلفة و تراكيب متفاوتة منزلة آحاد المعاني.
فتحصّل أن ليس للوضع معنى سوى التنزيل، و لا يترتّب الغرض المقصود على سواه، و أنّ الوضع لا يحدث دلالة في اللفظ لم تكن، و إنّما يصرف دلالته من جانب إلى جانب.
و ليكن هذا مراد المشهور القائلين بأنّ دلالة الألفاظ بوضع الواضع، يعني انصراف وجهة الدلالة يكون بوضع الواضع، و إلّا فأصلها ذاتيّة. و بما ذكرناه يحصل الالتئام بين الجانبين، و يرتفع النزاع من البين.
[مختار المحقّق النهاوندي و الردّ عليه]
و قد توهّم بعض المحقّقين ممّن عاصرناه [1] أنّ الوضع عبارة عن البناء و التعهّد القلبي
و هو الشيخ علي بن المولى فتح الله النهاوندي النجفي، علّامة كبير و محقّق جليل من أكابر العلماء و أجلّاء الفقهاء، كان من تلاميذ الشيخ مرتضى الأنصاري و الميرزا أبي القاسم الكلانتر، و كان بحثه من أبحاث النجف المعدودة و من دروسها المحترمة. من تلامذته: الميرزا حبيب الله الرشتي، و الآخوند الخراساني، و السيد محمّد الخلخالي، و شيخ الشريعة الأصفهاني. توفّي في ربيع الآخر سنة 1322 ه و دفن في وادي السلام. من آثاره كتابا:
تشريح الأصول الصغير و الكبير. (طبقات أعلام الشيعة- نقباء البشر- 4: 1497 بتصرّف).
اسم الکتاب : الأصول في علم الأصول المؤلف : الإيرواني، الشيخ علي الجزء : 1 صفحة : 9