responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأصول في علم الأصول المؤلف : الإيرواني، الشيخ علي    الجزء : 1  صفحة : 10

بعدم ذكر اللفظ إلّا عند إرادة تفهيم المعنى؛ فإنّه إذا علم من الواضع هذا البناء و أحرز منه ذاك التعهّد و الالتزام فبمجرّد أن تلفّظ باللفظ علم أنّه مريد لتفهيم المعنى؛ لملازمة جعليّة أحدثها بين ذكر اللفظ و إرادة تفهيم المعنى ببنائه و تعهّده، و من الواضح دلالة أحد المتلازمين على ملازمه.

و ما ذكرناه محصّل إطالات بمقدّمات و مؤخّرات و لعمري قد أتعب نفسه و أجال فكره في حقيقة الوضع و كيفيّة إيراثه الدلالة في اللفظ، و ظفر بما لم تصل إليه أفهام السابقين الأوّلين، و لكن مع ذلك لم يصل إلى الحقيقة و لم يصب الواقع. و تكفيك في إبطال دعواه كلمة واحدة، هي أنّ جملة «زيد قائم» حسب ما حقّقه تدلّ على إرادات ثلاث قائمة بنفس المتكلّم: إرادة إحضار صورة زيد في نفس المخاطب، و إرادة إحضار صورة قائم، و إرادة إحضار النسبة بينهما. و من المعلوم أنّ من الإرادات الثلاث لا تتألّف أجزاء جملة «زيد قائم»، و لا يتحصّل المعنى الجملي- و هو ثبوت القيام لذات زيد الخارجي- بل يحتاج ثبوت هذه الدلالة إلى علاج آخر و سبب غير التعهّد، و ذاك هو التنزيل الذي ذكرناه. فمعنى «زيد» هو ذات زيد الخارجيّ، لا أنّ معناه إرادة إحضار صورة زيد.

نعم، التلفّظ بلفظ «زيد» يدلّ على تلك الإرادة، لكن ليست تلك الإرادة هي المقصودة بالإفهام. و إنّما المقصود بالإفهام ذات زيد، و كذا ذات القيام و ذات النسبة، لكن لا بهذه التفصيليّة، بل بهيئة إجماليّة تفصيلها و بسطها هي الذوات الثلاث. و تلك الهيئة الإجماليّة عبارة عن زيد بهيئة خاصّة و كيفيّة مخصوصة، و هي القيام. و لعلّنا نتعرّض للمعاني الجمليّة عن قريب.

و الحاصل: أنّ ما ذكره من التعهّد أمر معقول، لا كما ذكره غيره من المعاني للوضع الذي لا يرجع إلى محصّل. و كذلك إيراثه للدلالة أمر مسلّم، لكن ليست هذه الدلالة هي تلك الدلالة المقصودة في باب الألفاظ- و هي دلالة الألفاظ على ذوات المعاني التي منها تتألّف المعاني الجمليّة- إذ قد عرفت أنّ نتيجة الوضع بمعنى التعهّد هي دلالة الألفاظ على قيام إرادات بنفس المتكلّم، و أين هذا من الدلالة على ثبوت نسب بين ذوات المعاني و لا ثبوتها التي هي المقصود من وضع الألفاظ؟!

فما ذكره لا يسمن و لا يغني، و كأنّ من قال بدلالة الألفاظ على المعاني المرادة و وضعها

اسم الکتاب : الأصول في علم الأصول المؤلف : الإيرواني، الشيخ علي    الجزء : 1  صفحة : 10
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست