فالحاصل؛ أنّه على هذا المسلك المناط في تعلّق الحكم الاحتياطي و عدمه هو إمكان منجّزيّة العلم الإجمالي و عدمه، و قد عرفت أنّه موقوف على عدم مسبوقيّته بعلم آخر، فعلى هذا لا محيص عن الالتزام بالتفصيل بين ما لو كان العلم الإجمالي المتعلّق بالملاقي- بالكسر- مقدّما أو مقارنا، و بين ما لو كان مؤخّرا، و قد ظهر لك أنّه في عالم الإثبات ربما يكون المسبّب موجبا للعلم بالسبب، و لا ريب أنّ مناط التنجّز هو العلم.
هذا ما يقتضيه التحقيق في المقام، و قد أشرنا إلى أنّ مقتضى ما يستظهر من كلام الشيخ في أوّل بحث الشبهة المحصورة، هو هذا المسلك، و عليه لا بدّ من أن يلتزم في المقام بالتفصيل، لا القول بجريان الأصل في الملاقي- بالكسر- مطلقا، و لكن لمّا كان المستفاد من إفاداته هنا كون المانع من إجراء الأصل هو تعارضه في الطرفين، و لذلك بني على الإطلاق، و قد ظهر لك أنّه عليه أيضا لا يتمّ الإطلاق.
ثمّ إنّه (قدّس سرّه) ذكر صورة يجب فيها الاجتناب عن الملاقي- بالكسر- دون الملاقى، و هو ما لو حصلت الملاقاة ثمّ حصل العلم الإجمالي مع خروج الملاقى حين حدوثه عن محلّ الابتلاء، فحينئذ لمّا يقوم الملاقي- بالكسر- مقام الملاقى، فالأصل الجاري فيه يعارض الأصل الجاري في طرف الملاقى، فيصير حكم ذلك مثل ما لو كان الملاقي- بالكسر- من أوّل الأمر طرفا للعلم الإجمالي، فلا بدّ من الاجتناب عنه و عن الطرف الموجود [1].
و فيه؛ أنّ الأصل الجاري في الملاقى- بالفتح- و إن لم يكن له المقتضي فعلا