نعم؛ قد يتوهّم أنّه بعد ترك أحد المحتملين، لا يبقى بعد علم باشتغال، حتّى يقتضي الفراغ و يلزم له ترك المحتمل الآخر، بل الشكّ بالنسبة إلى هذا الفرد من الترك بدويّ محض؛ إذ ليس موضوعا لما علم تفصيلا بوجوب الاجتناب عنه؛ إذ هو كأس زيد، و المفروض الشكّ في كون الفرد الآخر هو، بل إنّما الفرد الآخر هو الخصوصيّة الّتي كان مشكوكا من الأزل تعلّق التكليف به.
فحينئذ؛ كيف الحكم بوجوب الموافقة القطعيّة، بل يكفي ترك المخالفة القطعيّة لحصول الفراغ و حكم العقل بالبراءة.
هذه خلاصة غاية ما يمكن أن يستدلّ به لعدم وجوب تحصيل الموافقة القطعيّة و التفكيك بين الأمرين. و لكنّك خبير بفساده؛ إذ بعد تسليم اشتغال الذمّة بما علم من التكليف إجمالا، و هو وجوب الاجتناب عن كأس زيد المشتبه انطباقه على إحدى الكأسين، و [بعد] الالتزام بثبوت نقل هذا التكليف على العهدة لا يبقى مجال لهذا الوهم؛ ضرورة أنّه لمّا يجب حينئذ بحكم العقل تحصيل الفراغ اليقيني عن هذا التكليف المعلوم المعبّر عنه الاشتغال بالجامع البدلي المرآتي فيجب بحكم العقل الاجتناب عن الفرد الآخر لاحتمال كونه محقّقا لما علم من التكليف، و رفع اليد منه يوجب الشكّ في الامتثال، كما أنّ الاكتفاء بأحد الفردين شكّ في المحصّل.
و بالجملة، ما دام بعض أطراف المشتبه باقيا مناط حكم العقل بعد ثابت و لم يرتفع، و إنّما امتثال حكم العقل يكون بالاحتياط في جميع الأطراف.
فانقدح ممّا ذكرنا البحث في المرحلة الثانية، و ثبت أنّ حكم العقل بالنسبة إلى كلا الأمرين تنجيزيّ.