للآيات؛ لكون مدلولها ضدّ ما هو مدلول أدلّته، و هو عدم العقاب على الواقع المجهول، فمن أين يجري الورود؟ فعليه لا محيص عن الالتزام بكون الاحتياط محدثا للمصلحة في نفسه حتى يصير دليلا علميّا واردا على ما يدلّ على عدم العقاب على الواقع المجهول.
و أنت خبير بأنّ كلام الأخباريّين و أدلّتهم من أخبار التثليث و تمسّكهم بالعلم الإجمالي ينادي بأعلى صوت بكون مدّعاهم إثبات العقاب على الواقع المجهول لترك الاحتياط لا لنفسه، فتأمّل!
[الاستدلال بالروايات على البراءة]
و أمّا السنّة، فمنها حديث الرفع المشتمل على رفع الامور التسعة عن الامّة [1]، و الإنصاف أنّ الإشكال في سنده لا مجال فيه، و إن كان نبويّا؛ لأنّ الأصحاب تلقّوه بالقبول، و قد تمسّكوا به في أبواب الفقه مع كون جلّ فقراته مستشهدا بها في أخبار الأئمّة (عليهم السّلام) في موارد عديدة.
و بالجملة؛ الظاهر كون الحديث من القطعيّات، و أمّا تقريب الاستدلال به فهو بقوله (صلّى اللّه عليه و آله و سلم): «ما لا يعلمون» الظاهر في كون الأحكام الغير المعلومة مرفوعة عن الامّة، فلا عقاب على مخالفة الحكم الواقعي المجهول.
ثمّ أورد شيخنا على ذلك؛ بعدم كون المراد من الموصول هو الحكم، بل الظاهر منه بقرينة السياق الموضوع الغير المعلوم حكمه للجهل بعنوانه، لا للجهل بحكمه الكلّي [2].