و أيضا بذلك يرتفع المحذور، و الفرق بين البيانين هو احتياج الثاني إلى تصوير الجامع بين المفاعيل بخلاف الأوّل، و على كلّ واحد منهما يكون معنى الآية: أنّ اللّه لا يكلّف و لا يلزم بشيء إلّا أن يكون أعطاه.
هذا كلّه في إمكان دلالة الآية على المعنيين و استفادة المدّعى منها، و لكن لا يخفى ضعف وقوعها و إثبات دلالتها على المراد؛ إذ مع كون الآية الشريفة مسبوقة بقوله تعالى: وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ[1] .. إلى آخره، المراد منها الماليّات، استفادة المعنى الأعمّ من ذيلها- و هو الآية المتنازع فيها- في غاية البعد؛ لكون القدر المتيقن منها الماليّات و لو كان لها إطلاق فهي المنصرفة إليها.
و كونها بمنزلة الكبرى الكليّة لصدرها، لا يلازم أن يكون لها إطلاق يشمل الحكم، فيكون المراد بها الأعمّ من هذه الحيثيّة أيضا، كما لا يخفى.
ثمّ ذكر شيخنا (قدّس سرّه) رواية يستفاد منها كون المراد من الآية الإعلام، لتطبيق الإمام (عليه السّلام) هذه الآية و كذلك لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها[2] على التعليم [3]، و ما تتوقّف القدرة عليه على العلم و المعرفة و هو معرفة اللّه تعالى حيث ينفي الإمام (عليه السّلام) وجوبها بقوله (عليه السّلام): «على اللّه البيان» [4].
فأجاب عنها بأنّ المعرفة لمّا كانت مطلوبة بنفسها و للعلم فيها موضوعيّة، فهي قبل البيان غير مقدورة، فالمراد فيها أيضا الإقدار [5].