[فنقول: إنّ محطّ البحث في جريان البراءة و عدمه هو الشبهات الحكميّة الّتي كان أمر رفعها و وضعها بيد الشارع، سواء كان ذلك الشكّ في نصّ الحكم أو من جهة الشكّ في مفهوم الموضوع أو من جهة الشكّ في مقدار الموضوع، فقبل الخوض في المقصود و بيان الحال لا بدّ من تقديم جهات:
أمّا الجهة الاولى: لا تعارض بين «صدّق العادل» الشامل لإخباره عن الأحكام الواقعيّة و عن الأحكام الظاهريّة و بين مثل: «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» [1]، إذ منشأ التعارض و التضادّ في البحث هو عدم إمكان تصديقه من الجهتين.
و قد عرفت أنّه ليس بينهما تعارض أصلا لكون إخبار العادل عبارة عن الحكم الأوّلي فالشكّ في اخباره عن الحكم الظاهري هو الشكّ في الحكم الواقعي و لا شكّ بعد تحقّق الأوّل- و هو الإخبار عن الحكم الأوّلي- لا يبقى موضوع للحكم الظاهري.
فعلى هذا، موضوع الحكم الظاهري عبارة عن الشكّ بالحكم الواقعي، و حينئذ إخبار العادل عن الحكم الظاهري يكون في طول إخباره عن الحكم الواقعي.
[1] من لا يحضره الفقيه: 1/ 208 الحديث 937، وسائل الشيعة: 6/ 289 الحديث 7997، فرائد الاصول: 2/ 43.