إنّما الكلام في ترجيح كلّ واحد من هذين المسلكين على الآخر، و التحقيق هو المسلك الأخير، إذ لا يخلو الثالث عن الإشكال، كما يظهر من مطاوي ما ذكرنا، مع كونه مبنيّا على أمر فرضيّ محض، و هو عدم وجود العلم الإجمالي، فتأمّل جدّا!
ثمّ إنّ صاحب «الكفاية» اختار مسلكا خامسا في المقام، و هو أنّه قال:
فعلى فرض عدم كون العلم الإجمالي بيانا بناء على عدم منجزيّة العلم الإجمالي في المقام، لوجوب الاقتحام في بعض أطرافه، أو جوازه مطلقا في باب العلم الإجمالي- على مسلك بعض- فيصير العلم بالنسبة إلى الأطراف الأخر منحلّا، فلا بدّ و أن يلتزم من جهة عدم جواز الإهمال بالنسبة إلى معظم الأحكام، و أن يلتزم بأنّ الشارع أوجب علينا الاحتياط في ظرف الانسداد بالنسبة إلى بعض الأطراف المشتبهة، حيث علم اهتمام الشارع و مراعاته لتكاليفه بحيث ينافيه عدم وجوب الاحتياط رأسا المستلزم لإرخاء العنان.
و لو كان بالالتزام ببعض أطراف المهملات ثمّ بضمّ المقدّمة الأخيرة يعيّن إيجاب الاحتياط المنكشف بدليل اللمّ أصل جعله في دائرة المظنونات [1].
و لا يخفى أنّ مرجع هذا المسلك يكون إلى المسلك الثاني من حيث الالتزام بجعل بيان من قبل الشارع بعد ثبوت عدم جواز الإهمال، فيكون أصل
- الأحكام في الجملة في ظرف الجهل بها أيضا؛ فعلم أنّ تركها رأسا موجب لانهدام أساس الشرع.
و قد عرفت عدم لزوم محذور ظاهرا على المسلك الثالث فهو بنفسه أيضا تامّ، فهو المتعيّن من بين المسالك، فلا تغفل! «منه (رحمه اللّه)».