و إن كان المراد من إثباته إثبات الموضوع تعبّدا بأمر الشارع أو بناء العقلاء، فهذا أيضا يكون إثباتا لما لم يثبت، فيجري المحذور السابق.
و لكن لا يرد على هذا التقدير أنّ إثباته تعبّدا لا يكون من عوارض ذات الموضوع، بل من عوارض لازمه، و هو مشكوك الخبريّة، و السنّة المشكوكة فباعتبار لحاظ الشكّ فيه يصير أمرا خارجا عن الذات معروضا للحجيّة.
ضرورة أنّ المشكوكيّة ما لوحظت في الموضوع حتّى تصير الذات معنونة بهذا العنوان معروضة للحجيّة، كما في مثل الاصول، بل الشكّ إنّما يكون ظرفا للذات بحيث يحكم بحجيّة في هذه الحالة، لا أن تكون هذه الحالة مأخوذة بعنوان الصفتيّة مع الذات، كما توهّم.
و بعبارة اخرى: ليست المشكوكيّة عنوانا ملوّنا للموصوف بها في نفسه، مع قطع النظر عن لحاظه، و لا ريب أنّها ملحوظة في باب الاصول عند اعتبارها، بخلاف الأمارات، كما لا يخفى.
إن قلت: إنّ الالتزام بالوجود تعبّدا ليس إثباتا للوجود، لأنّ الوجود التعبّدي غير الوجود الحقيقي، بل هو في الحقيقة من عوارض الوجود، بمعنى أنّ ما فرض وجوده و شكّ فيه، يعرضه عنوان التعبّد بالوجود.
قلت: لا معنى لعوارض الوجود و البحث عن أحوال الموضوع، إلّا أن يكون شيء مفروغا من تحقّقه و ثبوته، فيبحث عن أحواله.
و من المعلوم أنّه لو كان الموضوع ثابتا لا معنى بعد ذلك للتعبّد بالثبوت، فإنّ الالتزام التعبّدي بالوجود إنّما يصحّ إذا لم يكن الشيء موجودا، فيحكم بالتعبّد بوجوده و البناء على ثبوته.