بقي الكلام في بيان مراتب الظهور، و أنّ الاعتناء بأيّها يكون؟
أحدها: الظهور التصوّري، و هو ما يستند إلى وضع اللفظ و يتبادر المعنى منه بسماعه، و لو صدر عن المتكلّم غفلة أو سهوا، و غير ذلك.
و محصّله: أنّه لا مدخليّة في ظهوره في معناه في هذه الرتبة إلّا العلم بوضع اللفظ.
ثانيها: ما يستفاد من اللفظ عند التكلّم به عن شعور و عن قصد، و هذا و إن كان أيضا ظهورا تصوّريا إلّا أنّ دائرته أضيق من الأوّل، لما عرفت.
و هذا الظهور هو الكاشف عن إرادة المتكلّم معناه، و كونه في مقام إبراز مراده و إعطاء الحجّة.
و لا خفاء أنّ مثل ذلك يناسب ما إذا كان المتكلّم جاهلا بحال متعلّق مراده، بمعنى أنّه إذا قال: أكرم العلماء، و كان شاكّا في حال زيد- مثلا- بكونه من مصاديق عامّة أو من مصاديق خاصّة الّذي قد خصّص العامّ، بكونهم عادلين، لا ينافي جهله به ظهور العامّ في معناه، و شموله للمشكوك فيه.
فمحصّل هذا الظهور ليس إلّا كون المتكلّم في مقام إلقاء الحجّة و إن لم يكن المتعلّق مرادا.
ثالثها: ما يكون كذلك؛ بمعنى أن يكون المتكلّم في مقام الإفادة و الاستفادة و كان متعلّق اللفظ مرادا أيضا جدّا.
و هذا أضيق دائرة من سابقه، لأنّ في الأوّل الظهور إنّما استفيد من كون المتكلّم إنّما هو في مقام إعطاء الحجّة، و وضع القانون بحيث يكون مرجعا للمكلّف و المأمور به عند الشكّ في حال المتعلّق و إن كان ربّما لا يكون الفرد