حقيقة الإرادة تعلّقت بالعمل بالمؤدّيات، كما هو صريح بعض الأدلّة دون أن يكون نفس التصديق محبوبا حقيقة، بل الغرض الأصلي من جعلها ليس إلّا مقدّمة للعمل و التوصّل بها إليه.
فيكون المقصود من الأدلّة دلالاتها الالتزاميّة الملازمة لجعل الحجيّة.
هذا؛ و لكن لا يخفى [أنّ] هذا المشرب يثمر لرفع شبهة ابن قبة إذا كان غرضه تحليل الحرام و تحريم الحلال، أو اجتماع الحبّ و البغض.
و أمّا إن كان غرضه نقض الغرض- كما قوّيناه- أو التفويت، فلا خفاء أنّه بالالتزام بجعل الحجيّة لا يرتفع، ضرورة أنّه إذا كان غرضه تعلّق بالواقع على الإطلاق، فجعل الطريق المخالف يستلزمهما [1].
و قد يجاب عنه بالمسلك الآخر من دفع شبهة ابن قبة، و هو الالتزام بأن يكون الغرض من الأمارات و نصب الطرق جعل الحجّة و الإرشاد إلى الطريق العقلي، بمعنى أنّه يجعل الشارع المقدّس للمكلّف طريقا علميّا، فيستتبع ذلك أيضا حكم العقل بوجوب المتابعة، كما يحكم به في العلم الحقيقي.
و الفرق بين ذلك و ما سبق أنّ في الأوّل الشارع يوجد وصف الحجيّة كالمشمشيّة و في الأخير يوجد نفس الحجّة، فكأنّه تكوينا أوجد طريقا.
و بعبارة اخرى: أنّ الشارع قد يتكفّل بنفسه نصب طريق، فيقول: أيّها الظانّ [2] أو الشاكّ! اجعل نفسك عالما و اتّبعني في ذلك، فكما أنّي عند قيام هذه الطرق أجعل نفسي عالما كذلك أيّها المكلّف عليك بذلك.